…الحديث الأول يقول (فجاء أعرابيان فشهدا أن لا إله إلا الله، وأنهما أهَلاَّه بالأمس، فأمرهم فأفطروا) والرابع يقول (فجاء ركب من آخر النهار، فشهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطروا) والخامس يقول (أن قوماً شهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم على رؤية الهلال، هلالِ شوال، فأمرهم أن يفطروا) بالنظر في هذه الألفاظ الثلاثة نجدها ذات نسق واحد، هو أن الذي حصل كان وقائع أعيَانٍ، أي وقائع حصلت مصادفةً لم تتضمَّن شرطاً أو شروطاً، فليس في أيٍّ منها ذِكرٌ لأي اشتراط بأن يكون الشهود اثنين أو ركباً أو قوماً، وإنما حصل أن جاء أعرابيان، وحصل أن جاء ركْبٌ، وحصل أن جاء قومٌ، فلا تفيد هذه النصوص لا لغةً ولا شرعاً أن أقل من ذلك لا يُقبل، فمن أدَّعى غير ذلك فليأتنا بالدليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردَّ شهادة شخص واحد في رؤية هلال شوال. والمعلوم أن وقائع الأعيان لا مفهوم لها ولا يقاس عليها، ولا تدل على اشتراط أو تقييد، وأَن كون الشهود أكثر من رجل واحد في هذه النصوص لا يعني أن شخصاً واحداً لا تكفي شهادته. فالقائل بكفاية شخص واحد إن جاءه اثنان أو خمسة أو عشرة أو مائة فإنه بلا شك سيقبلهم، وزيادة الخير خير كما يقال، وإنَّ الشخص الواحد الكافي ليدخل في الجموع ويتحقق المطلوب. وعليه فليس في هذه النصوص ما يدل على تقييدٍ أو اشتراطِ اثنين أو أكثر لرؤية هلال شوال.