…الحجامة هي شق جلدة الرأس بآلة تسمى المِحْجَم أو المِحْجَمة، وقيام الحاجم بمصِّ الدم الخارج من الشق، وذلك عند وفرة الدم في البدن وفَوَرانه. والغالب في الحجامة أن تكون في الرأس، فعن عبد الرحمن الأعرج عن ابن بُحَيْنةَ {أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم بطريق مكة وهو مُحْرِمٌ وَسَطَ رأسه} رواه مسلم (2886) .
…وقد اختلف الفقهاء، ومِن قبلهم الصحابةُ، في الحجامة هل تفطِّر أم لا تفطِّر؟ فذهب محمد بن سيرين والحسن البصري وعطاء وأحمد بن حنبل وإسحق بن راهُويه وأبو ثور والأوزاعي والداودي من المالكية، ومحمد بن المنذر وابن خُزيمة وابن حِبَّان من الشافعية إلى أن الحجامة تفطِّر الصائمَ الحاجمَ والمحتجمَ، وأوجبوا عليهما القضاء، بل إن عطاء أوجب عليهما أيضاً الكفَّارة، وهو قول شاذٌ. ورُوي ذلك عن علي بن أبي طالب وأبي موسى الأشعري وعبد الله بن عمر وأبي هريرة وعائشة من الصحابة رضي الله عنهم.
…وذهب سعيد بن المسيِّب وعُروة بن الزبير والشعبي وإبراهيم النخعي وأبو حنيفة ومالك والشافعي والثوري إلى أن الحِجامة لا تفطِّر الصائم، وروي ذلك من الصحابة عن أم سلمة وعبد الله بن عباس وأبي سعيد الخدري وأنس بن مالك وعبد الله بن مسعود وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري، وعن عائشة وعبد الله بن عمر في الرواية الثانية عنهما. وحتى نستطيع معرفة أي الحكمين هو الصحيح، لا بد من استعراض النصوص التالية:
1- عن ثوبان رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {أفطر الحاجم والمحجوم} رواه أبو داود (2367) والنَّسائي وابن ماجة وأحمد وابن حِبَّان والدارمي وابن خُزيمة. وإسناده صحيح على شرط البخاري.