…أما إن حصل كل ذلك بغير إرادةٍ من الإنسان فإنه لا يُفْطِر، لأن الله سبحانه وتعالى لا يحاسب على فعلٍ لا إرادة للإنسان فيه فمن جلس إلى جوار مدخِّن أو قربَ عودِ بخُّورٍ مشتعلٍ في غرفة، ودخل في صدره شيءٌ منه دون قصد ولا إرادة فإنه يظلُّ صائماً ولا يفطر، وإذا كان الجو رطباً مُشْبَعاً ببخار الماء، أو كان الحمَّام مشبعاً ببخار الماء المتصاعد من الماء الحار، واستنشق الصائم بخار الماء هذا أو ذاك رغماً عنه، دون إرادة ولا قصد، فإنه لا يفطر. وقل مثل ذلك بخصوص الغبار في الجو، وخاصةً في أيام الزوابع والعواصف الخماسينية، فإن استنشاق الغبار آنذاك لا يفطر الصائم، ولا يفطر إلا إذا أدخل هو بإرادةٍ منه وقصدٍ أشياءَ مما سبق.
…يتضح مما سبق أن قول الجمهور إِنَّ الاستعاط يفطِّر ويوجب القضاء هو القول الصحيح وأنَّ ما عداه خطأ وأن أثري ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما يرشدان إلى هذا (الصيام مما دخل) ، (والفطر مما دخل) أما معنى (الصيام مما دخل) فهو أن يصوم الشخص أو يمتنع عن إدخال أي شيء في جوفه وأما معنى (الفطر مما دخل) فهو أن أي شيء يدخل في الجوف يفطِّر الصائم، فإدخال أي شيء في البلعوم ومنه السَّعوط يفطِّر الصائم.
تطبيقاتٌ على الطب:
…وبناءً على ما سبق بيانُه فإني أذكر جملةً من التطبيقات الطبية المتعلقة بمسألتنا، وإنزال الحكم الشرعي عليها، وبيان أيٍّ منها يفطِّر الصائم وأيٍّ لا يفطِّر: