…من قتل نفساً بريئة خطأً فقد وجب عليه أولاً عِتقُ رقبة، أي تحرير عبد، ودفعُ ديةٍ إلى أهل القتيل، ولا يدفعها القاتل من ماله، وإنما تدفعها العاقلة من أموالها، وحيث أن العبيد لم يعودوا موجودين في أيامنا هذه، فإن المحصلة هي أن من قتل نفساً بريئة خطأً فعليه صوم شهرين متتابعين، وعلى عاقلته دفعُ الدية لأهل القتيل.
…أما صوم الشهرين فإنه لا بد من تتابعه وعدم قطعه إلا لعذرِ المرضِ، أو لعذر الحيض أو النِّفاس إن كان القاتل امرأةً. وقد روى الطبري في تفسيره عن سعيد بن المسيِّب وعن الحسن وعن عطاء وعن عمرو بن دينار وعن عامر الشعبي قولَهم إِن من صام شهرين متتابعين ثم أفطر من عذرٍ كمرض أنه يُتمُّ ما بقي ويعتدُّ بما مضى. وهو قول صحيح.
…وجاء في الموطأ (1/254) [قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول: أحسنُ ما سمعت فيمن وجب عليه صيام شهرين متتابعين في قتلِ خطأٍ أو تظاهُرٍ فعرض له مرض يغلبه ويقطع عليه صيامه أنه إن صحَّ من مرضه وقوي على الصيام، فليس له أن يؤخِّر ذلك، وهو يبني على ما قد مضى من صيامه، وكذلك المرأة التي يجب عليها الصيام في قتل النفس الخطأ إذا حاضت بين ظهري صيامها أنها إذا طهُرت لا تؤخِّر الصيام، وهي تبني على ما قد صامت، وليس لأحدٍ وجب عليه صيام شهرين متتابعين في كتاب الله أن يفطر إلا من علة: مرضٍ أو حيضةٍ وليس له أن يسافر فيفطر] وهو بيان صحيح.