…وعليه فإنَّا نقول إن الفريق الأول قد أصابوا فيما ذهبوا إليه من تحريم الصوم في أيام التشريق إلا للحاج المتمتِّع الذي لا يجد الهَدْيَ. وأضيف إلى قولهم [وقد فاته الصيام] وهي إضافة لا بد منها. أما أصحاب الشافعي فإنهم مصيبون فيما ذهبوا إليه لو كانوا قد حصروا السبب في فوات صيام الأيام الثلاثة قبل أيام التشريق، ومخطئون فيما ذهبوا إليه من تعدُّد الأسباب كالنذر والكفَّارة والقضاء، لأن النصوص لا تدلُّ إلا على سبب واحد، وهو فوات الصيام قبل أيام منى فحسب، وليس النذر ولا الكفَّارة ولا القضاء مما رخَّص فيه الشرع هنا، والأصل في المسلم التقيد بالنصوص ولا سيما في العبادات. صومُ الوِصال:
…الوِصال هو مواصلة الصوم يوماً وليلة أو أكثر دون إفطار. وقد ذهب أحمد وإسحق، ومن الشافعية محمد بن المنذر وابن خُزيمة وابن حجر، وجماعة من المالكية إلى جواز الوِصال إلى السَّحر، أي صيام نهارٍ وليلٍ بعده إلى آخره. وحكى محمد بن المنذر كراهة الوصال عن مالك وسفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحق، وهو قول ابن قدامة. وقال ابن حجر: ذهب الأكثرون إلى تحريم الوِصال وعن الشافعية في ذلك وجهان: التحريم والكراهة، هكذا اقتصر عليه النووي. وقد نصَّ الشافعي في الأم على أن الوصال محظور. وحرَّمه ابن حزم. وفي المقابل أجازه عبد الله بن الزبير وابنه عامر وأخت أبي سعيد وأبو الجوزاء وإبراهيم التيمي. وحتى نستطيع استنباط الحكم الصائب في هذه المسألة لا بدَّ لنا من استعراض النصوص التالية:
1- عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت {نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوِصال رحمةً لهم، فقالوا: إنك تواصل؟ قال: إني لست كهيئتكم، إني يطعمني ربي ويسقينِ} رواه البخاري (1964) ومسلم والنَّسائي.