…ذهب مالك والأوزاعي، وأحمد وإسحق بن راهُويه في رواية عنهما، إلى تحريم الصوم في أيام التشريق إلا للحاج المتمتِّع الذي لا يجد الهَدْيَ، ورُوي ذلك عن عائشة وابن عمر وعروة بن الزبير وعبيد بن عمير. وذهب أبو حنيفة وأحمد في أصح الروايتين عنه، والشافعي في المشهور عنه، وداود بن علي وابن حزم وابن المنذر والليث بن سعد والحسن البصري وعطاء بن أبي رباح إلى التحريم مطلقاً، ورُوي ذلك عن علي ابن أبي طالب وعبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما. إلا أن أصحاب الشافعي قالوا بجواز الصيام في أيام التشريق إن كان لسببٍ: من نذرٍ أو كفَّارةٍ أو قضاءٍ فقط، أما ما لا سبب له فلا يجوز بلا خلاف. فيما ذهب الزبير بن العوام وأبو طلحة وعبد الله بن عمر والأسود بن يزيد وابن سيرين فيما رُوي عنهم، إلى الجواز مطلقاً. وحتى نقف على الحكم الصائب في هذه المسألة بإذن الله، دعونا نستعرض النصوص التالية:
1- عن نُبَيْشَةَ الهُذَلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {أيام التشريق أيام أكل وشرب} رواه مسلم (2677) والبيهقي والطحاوي. ورواه أحمد (20997) ولفظه {أيام التشريق أيام أكل وشرب وذِكْرِ الله عزَّ وجلَّ} وأيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي تَعْقب يوم الأضحى
2- عن كعب بن مالك رضي الله عنه {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وأوسَ بنَ الحَدَثان أيام التشريق، فنادى: إنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأيام مِنى أيام أكل وشرب} رواه مسلم (2679) والنَّسائي وابن ماجة وأحمد.
3- عن أم مسعود بن الحكم رضي الله تعالى عنها قالت {كأني أنظر إلى علي بن أبي طالب على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء يقول: يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أيام التشريق أيام أكل وشرب ليس بأيام صيام} رواه النَّسائي (2901) في السنن الكبرى وأحمد وابن خُزيمة والحاكم وأبو يعلى.