…إن ابن عباس رضي الله عنه كان قد نقل أن الرسول صلى الله عليه وسلم نوى أن يصوم اليوم التاسع، وأنه توفي قبل تحقيق هذه النية، فصار عند ابن عباس مفهومٌ هو أن صيام عاشوراء يبدأ في اليوم التاسع، وأنه صار هو المشروع الذي شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصار ابن عباس منذئذٍ يفتي بهذا، وفي حديثنا هذا إفتاءُ ابن عباس بهذا الحكم فقال (إذا رأيت هلال المحرَّم فاعْدُدْ، وأَصبِحْ يومَ التاسع صائماً) ولا شيء في هذه الفتيا فنحن جميعاً نقول بها، ولكن السائل أحب أن يتثبَّتَ من هذه الفتيا هل هي اجتهاد من ابن عباس أم هي تشريع نبوي؟ فسأل: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه؟ وهو يعني: قد شرع صيامه؟ فجاء الجواب من ابن عباس بنعم. فالإشكال آتٍ من قول السائل (يصومه) ولو أنه قال (أمر بصيامه) أو (شرع صيامه) لزال الإشكال. وبهذا التأويل نكون قد أعملنا النصوص كلَّها، وأزلنا ما يبدو بينها من تعارضٍ وخلاف.