والأشهر الحُرُم هي المحرَّم ورجب وذو القعدة وذو الحجة. وقد جاء الأمر النبوي الكريم بالحث على الصيام في هذه الأشهر، فعن أبي مُجيبةَ الباهلي عن أبيه، أو عن عمه قال {أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا نبي الله، أنا الرجل الذي أتيتُك عامَ الأول، قال: فمالي أرى جسمك ناحلاً؟ قال: يا رسول الله، ما أكلتُ طعاماً بالنهار ما أكلته إلا بليل، قال: مَن أمرك أن تعذِّب نفسك؟ قلت: يا رسول الله إني أقوى، قال: صم شهر الصبر ويوماً بعده، قلت: إني أقوى، قال: صم شهر الصبر ويومين بعده، قلت: إني أقوى، قال: صم شهر الصبر، وثلاثة أيام بعده، وصم أشهر الحُرُم} رواه ابن ماجة (1741) . ورواه أبو داود (2428) بلفظ { ... صم من الحُرُم واترك، صم من الحُرُم واترك، صم من الحُرُم واترك، وقال بأصابعه الثلاثة فضمَّها ثم أرسلها} ورواه أحمد (20589) بمعناه بلفظ { ... قال: قلت: إني أجد قوة وإني أحب أن تزيدني، قال: فمن الحُرُم وأفْطِر} .
الصومُ في شهر الله المحرَّم:
من أحب أن يصوم أفضل الصيام بعد شهر رمضان، فعليه أن يصوم في شهر الله المحرم، فصوم يوم من هذا الشهر أفضل من صوم أي يوم من أيام العام، ولا يُفهم من هذا القول أنه يُلغي أو يُبطل أفضلية صيام ما ورد الشرع بذكره والتنويه به وبيان فضله، من مثل صيام الأيام الغُرِّ، أي صيام الأيام البِيض، أو صيام يومي الاثنين والخميس، أو صيام يوم عرفة التاسع من ذي الحجة كما سنذكره بعد قليل، فالتنويه بشيء ليس بالضرورة آتياً على حساب غيره. ثم إن قولنا إن الصيام في المحرَّم أفضل الصيام، يعني تفضيل شهر المحرم في الصوم على غيره من الأشهر على العموم، ويبقى التنويه بأنواعٍ من الصيام على حاله من الفضل. وفي العاشر من هذا الشهر خاصةً يومُ عاشوراء وصيامُه يكفِّر السنة التي قبله. وهذه طائفة من النصوص تذكر فضل الصوم في هذا الشهر: