أ - عن أم هانئ رضي الله عنها {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب شراباً، فناولها لتشرب، فقالت: إني صائمة، ولكن كرهتُ أن أَرُدَّ سُؤْرَكَ، فقال، يعني إن كان قضاءً من رمضان فاقضي يوماً مكانه، وإن كان تطوُّعاً فإن شئتِ فاقضي، وإن شئتِ فلا تقضي} رواه أحمد (27449) والدارمي والنَّسائي والترمذي والبيهقي والدارَقُطني. قال الترمذي [حديث أم هانئ في إسناده مقال] وفي رواية ثانية للترمذي (728) بلفظ { ... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصائمُ المتطوِّع أمينُ نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر} .
ب - حديث أبي سعيد الوارد في بند ب من أدلة القائلين بوجوب القضاء وفيه (أَفْطِر وصُمْ مكانه يوماً إن شئت) .
بالنظر في هذه النصوص نجد ما يلي: إن حديث عائشة الذي رواه الإمامُ أحمد وغيره وفيه (اقضيا يوماً آخر) ضعَّفه البخاري والنَّسائي وأحمد وضعَّفه الخلاَّل وقال: توارَد الحُفَّاظُ على الحكم بضعف حديث عائشة هذا. وقال الترمذي [ ... رُوي عن ابن جُرَيج قال: سألتُ الزُّهري فقلت: أَحدَّثك عروةُ عن عائشة؟ قال: لم أسمع من عروة شيئاً، ولكن سمعت في خلافة سليمان بن عبد الملك من ناسٍ عن بعض من سأل عائشة عن هذا الحديث] فالحديث منقطعٌ فلا يصلح للاحتجاج فيترك.
…وأما حديث أم هانئ الذي رواه أحمد وغيره وفيه (وإن كان تطوعاً فإن شئتِ فاقضي، وإن شئتِ فلا تقضي) فضعيفٌ هو الآخر ولا يصلح للاحتجاج، وذلك أنَّ فيه سِماكَ بن حرب، وهو ضعيف عنه المحدِّثين، إِضافةً إلى أن فيه مجهولاً هو الراوي عن أم هانئ، فمرة يقال هرون بن ابن أم هانئ، ومرة يقال هرون بن بنت أم هانئ، وهرون مجهول. قال يحيى بن القطان: لا يُعرَف. وقال الحافظ ابن حجر في التقريب: مجهول. فيُطرح هذا الحديث.