دليلها هو دليل نجاسة الخمر نفسه، وهو حديث أبي ثعلبة الخُشني في وجوب غسل آنية أهل الكتاب وقدورهم التي يستعملونها في طبخ لحم الخنزير وشرب الخمر، وهذا الحديث قد مرَّ في بحث [سؤر الحيوان] .
شُبُهات
والآن نود أن نزيل شُبُهاتٍ تثور في أثناء استعراض أعيان النجاسات، ونبدأ بشُبهة نجاسة بول الحيوان.
أولاً: بول ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل:
ذكر عدد من الأئمة أن بول ما يُؤكل لحمه طاهر، وأن بول ما لا يُؤكل لحمه نجس، وذكر آخرون أن بول ما يُؤكل لحمه وما لا يُؤكل لحمه نجسٌ كله. فذهب إلى الرأي الأول مالك وأحمد والزُّهري والنخعي والأوزاعي والثوري والشوكاني، وجماعة من الأحناف منهم محمد ابن الحسن وزُفَر، وجماعة من الشافعيين منهم ابن المنذر وابن خُزيمة وابن حِبَّان والإصطخري والروياني. وذهب إلى الرأي الثاني الشافعي وأبو حنيفة وأبو ثور والحسن.
وقد استدل أصحاب الرأي الأول بما يلي:
أ - عن أنس قال «قدم أُناس من عُكَلٍ - أو عُرَينة - فاجتَوَوْا المدينة، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بلِقاح، وأن يشربوا من أبوالها وألبانها» رواه البخاري ومسلم وأحمد. قوله اجتوَوْا: أي استوخموا. وقوله اللقاح: أي النوق ذوات اللبن واحدتها لِقحة. فكون الرسول عليه الصلاة والسلام يأمرهم بشرب أبوال الإبل وهي من مأكول اللحم فهو دليل على طهارة بولها وبول ما يُؤكل لحمه. أي أنهم قد استنبطوا من هذا الحديث علة كون الإبل يُؤكل لحمها، فقاسوا عليها كل ما يُؤكل لحمه كالغنم والبقر والغزلان والدجاج والحمام وغيرها.