من هذا الاستعراض يتبين أن من مسَّ ذَكَره أو فرجه أو ذَكَراً توضأ، وأن ذلك عام في الرجال والنساء، فمن مسَّ ذَكره أو ذَكَر غيره بدلالة الرواية الثانية من الحديث الأول، أو مسَّ فرجه توضأ، والمرأة إن مسَّت فرجها توضأت، ونجد أن الأحاديث ذكرت الذَّكَر وذكرت الفرج، أما الذَّكر فهو قُبُل الرجل، وأما الفرج فيطلق على القُبُل وعلى الدُّبُر للرجال والنساء، لأنه العورة كما في القاموس ولسان العرب، وألفاظ الأحاديث تُفسر باللغة ما لم يكن لها حقائق شرعية مغايرة، وهنا كلمة الفرج وكلمة الذَّكَر ليس لهما في الشرع معنى مغاير لما هو في اللغة فتُفسَّران تفسيراً لغوياً، والقاموس ولسان العرب فسَّرا الفرج بأنه العورة وهي تشمل القبل والدُّبر، فيُعمل بهذا التفسير. وبذلك تكون الأحاديث قد أفادت أن مسَّ القُبُل والدُّبُر للرجل والمرأة ينقض الوضوء، والأحاديث صحيحة تصلح للاحتجاج، وهي أعطت هذا الحكم، أي حكم النقض للوضوء من مسِّ القُبُل والدُّبُر للذَّكَر والأنثى.
أما الحديث الرابع فقد استدل به من قالوا بعدم النقض، وهم من ذكرنا من الصحابة والأئمة والعلماء، ولكن الحديث لا يُسعفهم، ولا يصمد أمام أحاديث النقض، قال البيهقي (يكفي في ترجيح حديث بُسرة ـ أي الأول ـ على حديث طلق ـ أي الرابع ـ أن حديث طلق لم يحتجَّ الشيخان بأحد من رواته، وحديث بسرة قد احتجا بجميع رواته) فهذه أولى الحجج في ترجيح الإيجاب على عدمه.