ولا أريد أن أقول بقول بعضهم إن هذه المخالفات في الترتيب قد حصلت في مندوبات الوضوء، وإنما الترتيب في الفروض، أجل لا أريد أن أقول بهذا القول، لأن الواجب في الترتيب هو في فروض الوضوء ومندوباته، فالوضوء عبادة، وأيَّة عبادة سواء كانت فرضاً أو مندوباً إن أُريد الإتيان بها وجب الإتيان بها بكيفيتها على سواء بين الواجب والمندوب، فصلاة الظهر أربع، وصلاة الاستسقاء ركعتان، الظهر فرض، والاستسقاء سنة، فإن أُتي بهما وجب أن يصلي الظهر أربعاً والاستسقاء اثنتين، وبالكيفية المعهودة. وهكذا كل العبادات ذوات الكيفيات لا بد لإقامتها أو للقيام بها من الالتزام بكيفياتها. فالوضوء فيه فروض وفيه سنن، فإن أُريد الإتيان بسننه وجب الإتيان بها بكيفيتها، فإن أَتَى بها بغير ذلك أثم، فهو إما أن يأتي بسنن الوضوء كما وردت، وإما أن لا يأتي بها مطلقاً.