ومن السُنَّة تعاهدُ المأْقين، لما رُوي عن أبي أُمامة أنَّه وصف وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومما جاء في الحديث « ... وكان يمسح المأْقين من العين ... » رواه أحمد وابن ماجة. وذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني هذا الحديث ولم يرمه بضعف ولا علَّة، ورواه أيضاً الطبراني في المعجم الكبير وإسناده حسن، ذكر ذلك الهيثمي. والمأقان - مثنى مُؤق العين - هو مجرى الدمع منها أو مُقدَّمها أو مُؤخَّرها. قاله صاحب القاموس، والجمع آماق. وقال الأزهري: أجمع أهل اللغة على أن المُؤق والمأق مؤخر العين الذي يلي الأنف. فيُندب للمسلم أن ينظف أطراف عينيه حين الوضوء. ولا يجب ولا حتى يندب مسح أو غسل الأذنين مع غسل الوجه خلافاً لمن قال ذلك، وحجة هؤلاء الحديث الذي رواه ابن عباس أن علياً رضي الله عنه قال «يا ابن عباس ألا أتوضأ لك وضوءَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلت: بلى فداك أبي وأمي، قال: فوضع له إناء فغسل يديه ثم مضمض واستنشق واستنثر، ثم أخذ بيديه فصكَّ بهما وجهه، وأَلْقَمَ إبهاميه ما أقبل من أذنيه، قال: ثم عاد في مثل ذلك ثلاثاً، ثم أخذ كفاً من ماء بيده اليمنى فأفرغها على ناصيته، ثم أرسلها تسيل على وجهه، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثاً، ثم يده الأخرى مثل ذلك، ثم مسح برأسه وأذنيه من ظهورهما، ثم أخذ بكفيه من الماء فصكَّ بهما على قدميه وفيهما النعل ثم قلبها بها، ثم على الرِّجل الأخرى مثل ذلك، قال: فقلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين. قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين» رواه أحمد. ورواه أبو داود بمعناه، ورواه ابن حِبَّان مختصراً. فهذا الحديث قال عنه المنذري: في هذا الحديث مقال. وقال الترمذي (سألت محمد بن إسماعيل - يعني البخاري - عنه فضعَّفه وقال: ما أدري ما هذا) فالحديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج. ثم إن متن هذا الحديث مخالف لما جاء في الأحاديث الصحيحة، فكون