الحديث الأول فيه شهادة عثمان، والثاني فيه شهادة عبد الله الأنصاري، وفي الثالث شهادة ابن عباس، والرابع حمل شهادة علي، وهؤلاء كبار الصحابة يروون ويشهدون أن المضمضة والاستنشاق هما قبل غسل الوجه في وضوء الرسول عليه الصلاة والسلام، فكيف نترك هذه الأحاديث التي هي في قمة الصحة وحوت شهادات أربعة من كبار الصحابة لحديث أحمد السابق، وحديث الدارقطني الضعيف؟.
5- التَّسوُّك: يُسن التَّسَوُّك في الوضوء لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لولا أن أشُقَّ على أمتي لأمرتهم بالسِّواك مع الوضوء» رواه أحمد ومالك وأبو داود وابن ماجة وابن حِبَّان. ويكفي فيه إمرار الأصابع على الأسنان لما رُوي عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «تُجْزِيء من السواك الأصابع» رواه البيهقي من عدة طرق. ورواه الدارقطني. وقال فيه ابن حجر (لا أرى بسنده بأساً) ولما روى أحمد عن أبي مطر يذكر وضوء عليٍّ رضي الله عنه، وفي الحديث « ... وتمضمض ثلاثاً فأدخل بعض أصابعه في فيه واستنشق ثلاثاً ... فقال ... كذا كان وضوء نبي الله - صلى الله عليه وسلم -» وقد مرَّا.
6- الاستنشاق والاستنثار: الاستنشاق إدخال الماء في الأنف، والاستنثار إخراج الماء منه. وقد يطلق الاستنثار فيعم الاستنشاق أيضاً، فيكون الاستنثار إدخال الماء في الأنف وإخراجه منه، فالاستنثار أعم من الاستنشاق، وقد وردت الأحاديث بكل منهما. والأدلة على الاستنثار هي الأدلة التي أوردناها في بحث المضمضة نفسها، وأيضاً:
أ- عن عليٍّ رضي الله عنه «أنَّه دعا بوَضوء، فتمضمض واستنشق، ونثر بيده اليسرى ففعل هذا ثلاثاً ثم قال: هذا طُهور نبي الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه النَّسائي وأحمد. ورجاله ثقات.
ب- عن أبي هريرة يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال « ... وإذا توضأ أحدكم فلْيجعل في أنفه ماء ثم لِينتثر» رواه مسلم وأحمد والبخاري وأبو داود.