1ـ النِّيَّة: معناها القصد يقال: نوى فلان السفر أي قصده، والنية شرط من شروط الطهارة للأحداث كلها، بحيث لا يصح وضوء ولا غسل إلا بها، وممن أوجب النية عليٌّ وربيعة ومالك والشافعي والليث وإسحق وابن المنذر وأحمد وابن قُدامة، ودليلهم حديث عمر رضي الله عنه «إنما الأعمال بالنية» رواه الشيخان وأحمد والنَّسائي. وفي رواية «إنما الأعمال بالنيات» رواها البخاري وأحمد والنَّسائي والترمذي. والوضوء عمل فلا بد له من نية. وخالفهم الثوري وأصحاب الرأي، ودليلهم قوله تعالى {يا أيُّها الذين آمنوا إذا قُمتُمْ إلى الصَّلاةِ فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وأَيْدَيَكُمْ إلى المَرَافِقِ وامْسَحُوا برُؤُوسِكُمْ وأَرْجُلَكُم إلى الكَعْبَيْن} الآية 6 من سورة المائدة. فقالوا: إن الآية ذكرت الفروض في الوضوء ولم تذكر النية، ولو كانت النية شرطاً لذكرتها.
والرد عليهم هو أن النية جاءت في الأحاديث ولم تأت في الآية، وهذا جائز ومعلوم عند الأصوليين، وهذا القدر كاف للرد. والنية محلها القلب فلا يجب التلفظ بها وإنما يجب استحضارها في القلب، فلو تلفظ بها المسلم ولم يستحضرها قلبه لم تنعقد، ولو تلفظ بألفاظ النية إلا أنَّه أخطأ فقال غير ما يريده ويقصده وكانت النية منعقدة في القلب فإنه لا يضيره خطأ اللفظ. وإذن فاللفظ ما دام غير مطلوب فإنه لا لزوم له، وما يفعله الناس من التلفظ إنما هو عادة اعتادوها وألزموا بها أنفسهم دون سند شرعي أو دليل، وكل ما قاله بعض الفقهاء من التلفظ بالنية إنما قصدوا به إعانةَ القلب على استحضارها لا غير.