والاكتحال والتعطر مندوبان للرجال والنساء إلا في حالة الحداد فيَحْرُمان، فلا يصح للمعتدَّة المتوفَّى عنها زوجها أن تكتحل وتتطيب طيلة فترة العدة وهي أربعة أشهر وعشرة
أيام وسائر النساء ثلاثة أيام فحسب، وقد وردت عدة أحاديث تبين هذا الحكم أذكر منها:
1 - عن أم سلمة رضي الله عنها «أن امرأة توفِّي زوجها فخشوا على عينيها، فأتَوْا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنوه في الكُحل، فقال: لا تكتحل، قد كانت إحداكن تمكث في شر أحلاسها
- أو شرِّ بيتها - فإذا كان حولٌ فمرَّ كلبٌ رمت ببعرة، فلا حتى تَمضي أربعةُ أشهر وعشرٌ» رواه البخاري ومسلم وأحمد. والأحلاس: هي الثياب.
2 - عن زينب بنت أبي سلمة قالت «دخلت على أم حبيبة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين توفي أبوها أبو سفيان، فدعت أم حبيبة بطيبٍ فيه صُفرة خَلوق أو غيره، فدهنت منه جارية ثم مست بعارضَيْها، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على المنبر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحدُّ على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ... » رواه مسلم والبخاري وأحمد.
ولكن رُخِّص للمعتدَّة إذا طهرت من الحيض وأرادت الاغتسال أن تمس شيئاً من المواد المُزيلة للروائح لإزالة رائحة دم الحيض، لما روت أم عطية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال « ... ولا تكتحل ولا تمس طيباً إلا إذا طهُرت نُبْذة من قُسْطٍ أو أَظفار» رواه مسلم. والقُسط والأظفار: هما نوعان من البخور.
أما المطلَّقة فإنه لم يرد فيها أي نصٌّ يفيد وجوب امتناعها عن التزيُّن ومنها الاكتحال والتطيُّب، فلا يحرم عليها ذلك، لا فرق بين المدخول بها وغيرها، ولا بين الرجعية والبائنة خلافاً لعدد من الفقهاء الذين يُلحقونها بالمعتدَّة في وجوب الامتناع عن التَّزين. ونحن هنا لسنا بصدد بحث هذه المسألة تفصيلاً، وحسبنا هذه الإشارة فحسب.