أما ما يقوله بعض الفقهاء من أن المطلوب في هذا الحديث هو النظر إلى الوجه فحسب فهو قول متهافت، وهو قولٌ يُلغي العمل بالحديث ويبطله، ويجعله من لغو القول، لأن النظر إلى الوجه جائز دونما حاجة إلى هذا النص. ثم إن راوي الحديث يقول إنه كان يختبئ للفتاة حتى رأى منها ما دعاه لنكاحها، ولا يُتصوَّر أن جابراً كان يختبيء لهذه الفتاة بين النخيل حتى يرى وجهها فحسب. ثم قد ذكر أبو جعفر قال «خطب عمر إلى علي ابنته فقال إنها صغيرة، فقيل لعمر: إنما يريد بذلك منعها، قال ـ أي أبو جعفر ـ فكلَّمه فقال عليٌّ: أَبعثُ بها إليك فإن رضيتَ فهي امرأتُك، قال فبعث بها إليه، قال: فذهب عمر فكشف عن ساقها فقالت: أَرسِل، فلولا أنك أميرُ المؤمنين لصككتُ عنقَك» رواه عبد الرزاق وسعيد بن منصور. وبذلك يسقط قولهم إن كشف العورة لا يكون إلا لواجب، وبسقوط هذه الشبهة تسقط جميع شُبُهاتِهم وحُججِهم في وجوب الختان، فلا يبقى إلا أن الختان من سنن الفِطرة، وأنه يُقام به لأجل النظافة والحدِّ من قوة الشهوة، وهذه طبعاً ليست واجبة.
الفصل السادس
السُّننُ المُلحقة بالفِطرة
وهذا الفصل يشمل مسألتين: الأولى أحكام الشَعَر، الثانية الاكتحال والتَّطيُّب.
أحكامُ الشَّعَر
وفيه سبعة أبحاث:
1. إكرام الشعر.
2. نتف الشعر الأبيض.
3. صبغ الشعر الأبيض.
4. وصل الشعر.
5. نفش الشعر.
6. فَرق الشعر.
7- حكم الاكتحال والتطيب.
1. إكرام الشعر:
معنى إكرام الشعر: الاعتناء به من حيث نظافته وترجيله، أي تمشيطه وإصلاحه. وقد وردت في إكرامه وإصلاحه الأحاديث التالية:
عن عائشة رضي الله عنها قالت «كان شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون الجُمَّة وفوق الوَفْرة» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة. ورواه التِّرمذي وصحَّحه. والوفْرة هي الشعر المجمَّع على الرَّأس وتدلَّى على الأُذنين، فإن جاوز شحمة الأذنين فهو اللِّمَّة، فإن طال حتى بلغ المنكبين فهو الجُمَّة.