ثم إن هذا الحديث يخاطب النساء ولا يخاطب الرجال، والقاعدة اللغوية والشرعية هي أن خطاب المذكَّر خطاب للرجال وللنساء، ولكن خطاب المؤنَّث لا يدخل فيه الرجال، فالقرآن حين يقول بصيغة المذكَّر {يا أيها الذين آمنوا كُتبَ عليكُمُ الصِّيامُ} فإن هذا الأمر بالصيام يشمل الرجال كما يشمل النساء، وحين يقول {يا أيها الذين آمنوا اتَّقُوا اللهَ وقولوا قَوْلاً سَديداً} فإن هذا الأمر بالتقوى والقول السَّديد يشمل الرجال والنساء، ولكن القرآن حين يقول بصيغة المؤنث {وقَرْن في بيوتِكُنَّ} فإن هذا الأمر لا يشمل الرجال، بمعنى أنه لا يطلب من الرجال البقاء في البيوت، وحين يقول {ولا يُبدين زينَتَهُنَّ} فإن هذا الأمر لا يعني مطالبة الرجال بذلك، ولا يدل على منع الرجال من إبداء زينتهم، وحين يقول {والمُطلَّقات يتربَّصن بأنفسهنَّ} فإن هذا الطلب لا يعني الرجال، ولا يطالبهم بالتربُّص عند الطلاق. والحديث النبوي حين يقول «عليكُنَّ بحافَّات الطريق» رواه أبو داود. فهو خاص بالنساء ولا يشمل الرجال وهكذا مما هو معلوم ومعروف. وهذا الحديث «لعن الله الواشمات» هو من هذا القبيل، فهو خاص بالنساء، ولا يعني أن الله يلعن الواشمين، فمن أين القول إن (المُغيِّرات خلق الله) يشمل الرجال؟ الصحيح والصواب أن هذا الحديث خاص بالنساء وأنه لا يصح سحبه على الرجال لهذا السبب أيضاً. ولهذين السببين سببِ عدم علِّيِّة التغيير، وسببِ اختصاص النص بالنساء، فإنه لا يجوز القياس، ولا يصح إدخال الرجال ولحاهم في هذا الحديث مطلقاً.
وهكذا تتساقط الأدلة الأربعة على وجوب حلق اللحية، ويبقى الحكم الصحيح المذكور آنفاً، وهو أن الإعفاء سُنَّة وليس واجباً.