والناظر في هذه الأقوال يجد أنها غير متعارضة، فالخلقة المبتدأة هي أصل الفطرة، والسُّنة والدين والإسلام والملَّة هي المقصودة من هذه اللفظة في الأحاديث كقوله عليه الصلاة والسلام «كل مولود يولد على الفطرة ... » وقوله عليه الصلاة والسلم «عشْرٌ من الفطرة ... » ذلك أنَّ السُّنة والدين والإسلام والملة قد جاءت متوافقة مع فطرة الإنسان وخَلْقِهِ، وإن شئتَ قلتَ إن معناها في الأحاديث النبوية الإيمان الفطري.
أما السُّنن فالمقصود بها مجموعة الأفعال التي اتفقت عليها الشرائع كلها. وهذه السنن كثيرة نصَّت الأحاديث على إحدى عشرة سُنة منها، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «عشرٌ من الفطرة: قصُّ الشارب، وإعفاءُ اللحية، والسواكُ، واستنشاقُ الماء، وقصُّ الأظفار، وغسلُ البراجم، ونتفُ الإبط، وحلقُ العانة، وانتقاصُ الماء، قال زكرياء: قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة» رواه مسلم وأحمد وأبو داود وابن ماجة والنَّسائي. قوله البراجم: أي عُقَد الأصابع. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «الفِطرة خمسٌ: الاختتان والاستحداد وقصُّ الشارب وتقليمُ الأظفار ونتفُ الإبط» رواه مسلم والبخاري وأحمد. قوله الاستحداد: أي حلق العانة.
وهذه السنن في الأحاديث بلغت إحدى عشرة سُنَّة، وقد سبق أن بحثنا الاستنجاء، وسنبحث بإذن الله الاستنشاق والمضمضة في بحث الوضو، فيتبقى منها ثمانٍ هي: السواك وقص الشارب وإعفاء اللحية ونتف الإبط وقصُّ الأظفار وغسل البراجم وحلق العانة والختان. ونبدأ بالسواك.