وبين قومه[1]، فكيف تصرف هذه الآيات إلى طفولة إبراهيم عليه السلام؟
رابعاً: كيف يصح هذا القول في أبي الأنبياء عليه السلام؟ الذي قال الله في حقه: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [2] فمن معاني الرشد هنا إنكاره على قومه عبادتهم لهذه الأصنام في صغره، فتكون الآية الثانية: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ ... } مفسرة للرشد المذكور في الآية التي قبلها[3].
وقال الله فيه أيضاً: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [4]، فنفي الله كون الشرك الماضي عن إبراهيم، ونفي الكون الماضي يستغرق جميع الزمن الماضي، فثبت أنه لم يتقدم عليه شرك يوماً ما[5].
وقد ثبت في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود إلا يولد على هذه الفطرة، فأبواه يهوداه وينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء[6] هل تحسون فيها من جدعاء؟ 7" 8،
وما رواه الإمام مسلم عن عياض بن حمار [1] انظر: "تفسير ابن كثير": (2/152) ، و"أضواء البيان": (2/201) . [2] سورة الأنبياء، الآيتان: 51-52. [3] انظر: "تفسير ابن كثير": (3/181-182) . [4] سورة النحل، الآية: 120.
5 "أضواء البيان": (2/201) . [6] أي سليمة من العيوب، مجتمعة الأعضاء كاملتها، فلا جدع بها ولا كي. "النهاية في غريب الحديث": (1/296) .
7 أي: مقطوعة الأطراف، أو واحدها. "النهاية في غريب الحديث": (1/247) .
8 أخرجه البخاري: (2/199) ، كتاب الجنائز، ومسلم: (8/53) ، كتاب القدر.