اسم الکتاب : التحصين من كيد الشياطين المؤلف : الجريسي، خالد الجزء : 1 صفحة : 149
أما الثالث من التحصينات الواقية - بإذن الله - فهو بأن تحفظ الله تعالى بالتزام تقواه سبحانه:
وذلك بأن تحفظ قلبك سليماً من ميلٍ لشهوات، أو زيغ بشبهات، وأن تحفظ ما يتبع القلب، وهي أعضاء الجسد كافة، أن تحفظها بتسخيرها في الاجتهاد بالعمل بمراضي الله سبحانه، وفي اجتناب نواهيه. ولا ريب بأن ذلك لا يتأتى للعبد إلا بمجاهدة عظمى لما جُبِلَتْ عليه النفسُ من ميلٍ للأهواء، وبكبح جماحها عما تستسهله من آفات مكدرة للإخلاص، وجعل مطلب العقل وربحه هو تزكية هذه النفس، وطلب فلاحها بالعمل الصالح، قال تعالى: [الشّمس: 9-10] {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا *وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا *} ، لذا، فقد تحتم على كل ذي عقل راجح، وفكر حازم، وقد آمن بالله واليوم الآخر، ألا يغفل عن متابعة نفسه ومحاسبتها، بسؤالها تكراراً: ما الذي أمرَتْ به رعاياها الخادمين لها: القلبَ وأتباعه: العين، والأذن، واللسان، والبطن، والفرج، واليد، والرِّجْل؟ فيحاسبها على ما تصرفت به، فيعاتبها عتاب الناصح المشفق، ويرشدها بعقله إلى طرق الفلاح، ويضطرّها - أحياناً - إلى سلوك سبيل لا تحبه، وإفهامها بأن السرور العاجل المنقضي قد يجني غماً آجلاً سرمداً غير منقطع، فتنزجر النفس بذلك، وتزكو، وقد تلوم صاحبها بعد ذلك على مقارفته ذنباً أو مفارقته طاعة، قال تعالى: [القِيَامَة: 1-2] {لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ *وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ *} ، فلا تطمئن بعدها إلا إلى عمل الصالحات، ولا ترضى عندها إلا بما يرضي ربها، فتنال بذلك رضا الله تعالى، فينجو صاحبها ويفلح ويكتب مع الذين أنعم الله عليهم من عباده الصالحين. قال تعالى: [الفَجر: 27-28] {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ *ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَةً *} .
اسم الکتاب : التحصين من كيد الشياطين المؤلف : الجريسي، خالد الجزء : 1 صفحة : 149