المطلب الأول: متى يؤمّن المأموم؟
اختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ هل يكون تأمين المأموم موافقاً لتأمين الإمام، أم يأتي به بعده؟
اختلفوا في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول: إن تأمين المأموم يكون موافقاً لتأمين الإمام. فيؤمِّنان معاً في وقت واحد. لا يسبق أحدهما الآخر، ولا يتأخر عنه.
وإلى هذا القول ذهب: جمهور العلماء. سواء أكانوا من القائلين بمشروعية تأمينهما جهراً، كالحنابلة[1]، والشافعية في الأصح[2]. [1] انظر: الكافي 1/292، شرح الزركشي 1/552، المبدع 1/440، التوضيح 1/304، زاد المستقنع مع شرحه 2/30، غاية المنتهى 1/134، الإنصاف 3/447. [2] انظر: روضة الطالبين1/247، إعانة الطالبين1/148، الإقناع 1/143، الوسيط2/121، فتح الباري 2/264، دقائق المنهاج 1/43، فتح الوهاب1/74، مغني المحتاج 1/161.
تتمة: ذهب أكثر الشافعية إلى أن المأموم يؤمّن، ولو كان مشغولاً بقراءة الفاتحة. ثم اختلفوا: هل تنقطع بذلك الموالاة؟ على وجهين: أصحهما لا تنقطع، لأنه مأمور بذلك لمصلحة الصلاة، وكالسؤال في آية الرحمة والاستعاذة من النار في آية العذاب فيما يقرأ في صلاته منفرداً. وهو قول: القفال، والقاضي أبي الطيب الطبري. وصححه الغزالي، والشاشي، والرافعي. والآخر، تنقطع القراءة، كما لو قطعها بقراءة غيرها، وكالحمد للعاطس. وهو قول: أبي حامد الإسفرائيني، والمحاملي. وصححه صاحب التتمة. قال النووي في المجموع 3/359، 360: (والأحوط في هذه الصور أن يستأنف الفاتحة، ليخرج من الخلاف. وأعلم أن الخلاف مخصوص بمن أتى بذلك عامداً عالماً. أما من أتى به ساهياً، أو جاهلاً، فلا تنقطع قراءته بلا خلاف. صرح به صاحب التتمة وغيره) وانظر: المهذب 1/72، فتح الباري 2/264.
ما سأتناوله في المطلبين التاليين:
المطلب الأول: متى يؤمّن المأموم؟
المطلب الثاني: المراد بموافقة الملائكة في التأمين.