اسم الکتاب : البيوع المحرمة والمنهي عنها المؤلف : عبد الناصر بن خضر ميلاد الجزء : 1 صفحة : 405
تمهيد
من المقرر لدى العقلاء أن الإنسان ليس مالاً في الشرع، ولا في الطبع، ولا في العقل، فالشرع يأبى أن يعامل الإنسان الذي كرمه الله سبحانه معاملة الأموال، فالإنسان الحر ليس بمال، حيث عرف الحنفية المال بأنه اسم لغير الآدمي، خلق لصالح الآدمي، وأمكن إحرازه والتصرف فيه على وجه الاختيار[1].
كما أن فقهاء المسلمين قد قرروا أن الإنسان الحي، وكذا الميت، لا يمكن أن يكون محلاً ممكناً ومشروعاً للمعاملات بحسب الأصل، فمحل العقود والحقوق عندهم هو الأموال، كما يشترط في المال أن يكون متقوماً.
والإسلام الحنيف قد اهتم بتكريم الإنسان، سواءً في حياته أو بعد مماته، حيث إن الآدمي محترم حياً أو ميتاً، ولهذا ثبتت حرمته في الحياة وبعد الممات، وفي هذا يقول الله سبحانه: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [2] وقال أيضاً: {يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ*الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ*فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [3].
وفي سبيل ذلك حرم الإسلام على الإنسان الخبائث من الأطعمة، حيث قال سبحانه: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [4] وقال أيضاً: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [5].
فالاتفاق قائم على مبدأ حماية جسد الآدمي، وأن الشريعة الإسلامية الغراء هي [1] البحر الرائق لابن نجيم 5/277. [2] سورة الإسراء: الآية 70. [3] سورة الانفطار: الآية 6، 8. [4] سورة البقرة: الآية 173. [5] سورة ص: الآية 72.
اسم الکتاب : البيوع المحرمة والمنهي عنها المؤلف : عبد الناصر بن خضر ميلاد الجزء : 1 صفحة : 405