اسم الکتاب : البحث العلمى أساسياته النظرية وممارسته العملية المؤلف : رجاء وحيد دويدري الجزء : 1 صفحة : 440
المبحث الرابع: التوصيات
الشيء الذي ينبغي أن نتذكره باهتمام هو أن التوصيات ليست جزءا من الدراسة نفسها، هي شيء إضافي، وإذا اقترح الباحث كيفية تطبيق نتائج الدراسة، فإنه يدخل في مجال الآراء، والاجتهادات، أي أنها فكر طارئ "After Thought"، وعلى هذا الأساس يجب عمل التوصيات في فصل مستقل أو جزء من ورقة البحث، ولا ينبغي أن نخلط التوصيات بالدراسة نفسها.
لقد قام الباحث بالدراسة ليتعلم الحقائق ومبادئ معينة يضيفها إلى المعرفة، وتعتبر الدراسة مكتملة عندما يقوم الباحث بحل المشكلة، أما التوصيات الناتجة عن الدراسة فهي ليست إضافات للمعرفة إنها مقترحات عن كيفية وضع المعلومات والمعرفة التي تم الحصول عليها موضع استخدام، وهذه ليست في الواقع مهمة الباحث، رغم ذلك ليس هناك ما يحول بين الباحث وبين إبداء التوصيات، وتجري البحوث حاليا على وضع نتائج البحث، ووضع التوصيات أيضا بناء على نتائج دراسة الباحث، بل تقديم نتائج البحث ووضع التوصيات أمرا حيويا شأنه شأن نجاح الدراسة نفسها.
وهكذا يتضح لنا من خط السير الطويل والمضني الذي يقطعه كل باحث علمي يصل إلى الحقيقة أنه طريق يتطلب من الباحث صفات كثيرة تجمع بين الفطنة والثقافة الواسعة الشاملة، وقوة المحاكمة ونفاذ البصيرة والقدرة على النقد وإرهاف الحس، والدأب والصبر على العمل، والشجاعة في القول إلى جانب الحق، في إجلاء غوامض الحقائق، متجنبا الإبهام والاستطراد والمبالغة، ورغم أنه يشرح الحقائق والفكر وهو يعلم أن ما يعرف هو من خلفيات للأمور قد لا يعرفه قارئه، سواء كان القارئ من الاختصاصيين أمثاله أو من جمهور المثقفين، إلا أن اهتمامه بما سوف نورده من التزامات سواء كان منها ما يتعلق بالشكل والمنهج والمحتوى الفكري أمر واجب على الباحث وسوف يلمس بنفسه أن هذه الالتزامات تجعله يشعر أنه وصل إلى شيء يرضى عنه علميا، ويرضي القارئ لإنتاجه الذي يشعر أنه حصل على ما يزيد من آفاق معرفته، ويهديه إلى ما يتوق إليه، بخاصة إذا كان اهتمامه ينصب على جانب أو جوانب من البحث التي تناولها الباحث، كما أن الباحث بعمله هكذا يكون قد أضاف إلى العلم والمعرفة العلمية وأسهم فيهما إسهاما مناسبا يجعله يتبوأ مكانا مرموقا بين أقرانه من المتخصصين في مجال تخصصه.
اسم الکتاب : البحث العلمى أساسياته النظرية وممارسته العملية المؤلف : رجاء وحيد دويدري الجزء : 1 صفحة : 440