المطلب السادس: الطواف الذي يُشرع فيه الاضطباع والرمل
اتفق العلماء ـ رحمهم الله ـ على أن الاضطباع والرمل يُشرعان في طواف القادم إلى مكة معتمراً، أو حاجاً. سواء أكان هذا الطواف طواف عمرة، للمعتمر أو المتمتع، أم طواف قدوم للمفرد أو القارن، إذا سعى بعده [1]. قال النووي: “واعلم أن طواف القدوم إنما هو في حق مفرد الحج، وفي حق القارن، إذا كانا قد أحرما من غير مكة، ودخلاها قبل الوقوف [2]. فأما المكي فلا يُتصور في حقه قُدُوم، إذ لا قدوم له. وأما من أحرم بالعمرة فلا يُتصور في حقه طواف قدوم. بل إذا طاف عن العمرة، أجزأه عنها، وعن طواف القدوم، كما تُجزيء الفريضة عن تحية المسجد. حتى لو طاف المعتمر بنيّة القدوم، وقع عن طواف العمرة” [3].
واختلفوا هل يُشرع الاضطباع والرمل في طواف القادم، إن لم يسع عقبه، بأن أخّر السعي إلى طواف الإفاضة؟ أو هما خاصان بكل طواف يعقبه سعي، سواء أكان طواف قدوم، أم طواف عمرة، أم طواف زيارة؟
وهل يُشرعان في طواف الإفاضة إن تحلل قبله؟ وكيف يكون اضطباعه فيه؟ وهل يقضي الرمل في الأشواط الأخيرة إن نسيه قبل ذلك؟
هذا ما سأتناوله في الفروع التالية:
الفرع الأول: هل الاضطباع والرمل خاصان بالطواف الأول؟
اختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ في ذلك على قولين: [1] انظر: منسك خليل ص 68. [2] إلا أن الحنابلة يرون مشروعية طواف القدوم بعد الوقوف بعرفة لمن لم يتمكن من دخول مكة قبل ذلك، خلافاً للجمهور الذين يرون أن طواف القدوم يفوت بالوقوف بعرفة. انظر: أنواع الطواف وأحكامه ص221. مجلة البحوث الإسلامية، العدد “50”. [3] انظر: شرح الإيضاح ص 228، 229.