المطلب الخامس: وقت الاضطباع والرمل.
الاضطباع والرمل من أعمال الطواف، فيكون فعلهما، وَقْت ابتداء الشروع في الطواف، ولا بأس من الاستعداد بالاضطباع قبل الشروع فيه بوقت يسير[1]. قال ابن تيمية: “ وأول ما يضطبع، إذا أراد أن يستلم الحجر، قبل أن يستلم، فيما ذكره كثير من أصحابنا..، وهو ظاهر حديث ابن عباس. وقال أحمد في رواية المروذي: يضطبع بعد أن يستلم الحجر”[2]. وقال الشافعي: “ وإن تهيأ بالاضطباع قبل دخوله الطواف، فلا بأس” [3].
أما ما يفعله كثير من العوام، من ملازمة الاضطباع من حين الإحرام، فهو من الأخطاء. وقد نبّه على ذلك بعض العلماء. قال في إرشاد الساري: “وليس كما يتوهمه العوام من أن الاضطباع سنة جميع أحوال الإحرام. بل الاضطباع سنة مع دخوله في الطواف”[4].
واتفقوا على أن وقت الرمل في الأشواط الثلاثة الأول من الطواف5، [1] وهو معنى ما عبّر عنه الجاسر في مفيد الأنام ص 238 بقوله: “والاضطباع محله، إذا أراد الشروع في الطواف”. وقال ابن جماعة في هداية السالك 2/807: “ويُستحب الاضطباع مع دخوله في الطواف، لحديث ابن عباس، فإن اضطبع قبله بقليل فلا بأس”. وانظر: شرح الإيضاح ص230، فتح القدير 2/452، حاشية ابن عابدين 2/495، منسك ملا القاري ص 88. [2] شرح العمدة 3/422. وانظر: هداية السالك 2/808. [3] الأم 2/174. [4] ص 88. وانظر: مفيد الأنام ص 238. ونقل ابن عابدين في حاشيته 2/481 عن بعض المحشين قوله: “إن أكثر كتب المذهب ناطقة بأن الاضطباع يُسن في الطواف لا قبله في الإحرام، وعليه تدل الأحاديث، وبه قال الشافعي”.
5 انظر: تحفة الفقهاء 1/401، وبدائع الصنائع 2/147، الفتاوى الهندية 1/226، فتاوى قاضيخان 1/292، إرشاد الساري ص 88، تنوير المقالة مع الرسالة 3/435، قوانين الأحكام الشرعية ص 139، منسك خليل ص 68، الشرح الكبير 2/41، 43، المجموع 8/41، المغني 5/220، هداية السالك 2/802، المحرر في الفقه 1/245، المحلى 7/95. وسيأتي قريباً حكاية الخلاف في ذلك عن ابن الزبير رضي الله عنهم.
تنبيه: نبّه ابن القيم في زاد المعاد 2/305 على ما وقع فيه ابن حزم في هذا الباب. فقال: “ومنها وَهْمٌ فاحش لأبي محمد بن حزم، أنه رمل في السعي ثلاثة أشواط، ومشى أربعة. وأعجب من هذا الوهم، وهمه في حكاية الاتفاق على هذا القول، الذي لم يقله أحد سواه”.