اسم الکتاب : موسوعة الفقه المصرية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 70
إجَازة
الإجازة لغة:
فى المصباح: جاز المكان يجوزه جوزا وجوازا سار فيه وأجازه قطعه وأجاز الشىء أنفذه- قال ابن فارس وجاز العقد وغيره نفذ ومضى على الصحة وأجزت العقد جعلته جائزا وأجاز له فعل كذا سوغه له وأجاز رأيه أنفذه كجوزه وجاز له البيع أمضاه وأجاز الموضع خلفه (1)
الإجازة فى استعمال الفقهاء:
لا تخرج فى استعمال الفقهاء عن هذا المعنى العام فيستعملونها فى إنفاذ العقود الموقوفة بمعنى ترتيب أثرها عليها وإنفاذها فيقولون إن العقد الموقوف ينفذ وترتب عليه آثاره بإجازته ممن له ولاية إنفاذه فعقد الفضولى عند من يراه موقوفا لا تترتب عليه آثاره ولكنه يصير نافذا وتترتب عليه آثاره بإجازته من صاحب الشأن وهو المالك أو الولى علية أو وكيله مثلا وكذلك تصرف ناقص الأهلية المتردد بين النفع والضرر يصدر عليه موقوفا موذوفا ولكنه ينفذ بإجازته ممن له الولاية على ناقص الأهلية وتزويج العبد نفسه موقوف ينفذ بإجازته من سيده والوصية للوارث أو بأكثر من الثلث موقوفة وتنفذ بإجازتها من الورثة وهكذا، وكذلك يستعملونها بمعنى الإمضاء وذلك فى العقود النافذة إذا كان فيها خيار لأحد العاقدين فيقولون أنها تصير لازمة بإجازتها ممن له لخيار فى فسخها ويسقط خياره بإجازتها أى بإمضائها كما فى البيع فيه خيار الرؤية أو خيار الشرط وإذا كانت فى الفعل كان معناها الرضا به وبما يترتب عليه من أثر كما فى أجازه الإيفاء بالدين يقوم به أجنبي أو تسليم العين الموهوبة يقوم به غير الواهب
ما تتحقق به الإجازة
تتحقق الإجازة بكل ما يفيد الرضا صراحة أو دلالة من قول أو فعل فتكون باللفظ وما يقوم مقامه كالكتابة أو الإشارة ممن لايستطيع النطق وسواء أكانت بالعربية أو بأية لغة من اللغات من كل عبارة تدل على الإنفاذ. والرضا كأجزت ونحوه وهى اما صريحة إذا دلت على ذلك صراحة كأجزت وأنفذت أو غير صريحة إذا ما دلت على ذلك بطريق اللزوم وإلاشارة كأن يقول نعم ماصنعت أو بارك الله لنا فيما فعلت أو يهنأ فيشكر أو يتقبل التهنئة وذلك ماذهب اليه الفقيه أبو الليث وبه كان يفتي الصدر الشهير مالم يظهر أن مثل ذلك قد صدر منه على سبيل الإستهزاء ومرد ذلك الى القرائن وهذا هو المختار [2] ومن الإجازة بطريق الدلالة أمره فضوليا زوجه امرأة بأن يطلقها عندما علم بالزواج لأن الطلاق لايكون إلا فى زواج صحيح نافذ، وفى جامع الفصولين الطلاق فى النكاح الموقوف قيل يعد إجازة وقيل لا..
وتكون بالفعل إذا ما كان أثرا للعقد وتوقفت سلامته عليه كقبض المهر ودفعه وإرساله وقبض الثمن ودفعه وتسلم المبيع وتسليم العين المرهونة إلى المرتهن وتسليم الهبة إلى الموهوب له ونحو ذلك من كل ما يدل على الرضا بخلاف قبض المرأة هدية الزواج إذا زوجها منه فضولى إذ أن ذلك لايعد أثرا للعقد ولا تتوقفه سلامته على العقد فقد تكون الهدية من غير الزوج وقد تقبضها لغرض آخر غير الرضا بالعقد [3] وقيل إنها تتحقق مبعث الهدية الى الزوجة ولا تختلف المذاهب فى هذا الذى ذكرنا. ولكن الزيدية حين تعرضوا للإجازة الفعلية مثلوا لها بالمثال الآتي فقال لو علمت المرأة بالعقد وما سمى لها فيه فلم يصدر منها لفظ إجازه ولكن مكنت الزوج من نفسها كان تمكينها له كالإجازة للعقد والمهر معا حيث وقع التمكين بالوطء أو بمقدماته بعد العلم بالعقد أو التسمية بما لجهلت العقل لم يكن التمكين أجاز وتحد ان مكنته من نفسها لأنها زانية مالم تلحق منها الإجازة بعد أن تعلم فيسقط الحد للشبهة وهو تعذر العقد وأما لو علمت العقد وجهلت التسمية فلا إشكال أن التسمية تبقى موقوفة على أجازتها وقد يبقى العقد موقوفا أيضا فيبطل إذا ردت التسمية ولم ترض بها [4] .
هل يعد السكوت إجازة
ذكرنا أن الإجازة تكون بكل مايفيد الرضا من قول أو فعل فهل تكون أيضا بالسكوت عند العلم بالعقد أو بالتصرف أو عند مشاهدته؟
من القواعد التى ذكرها الفقهاء أنه لاَينسَبْ الى ساكت قوله وقد جاء ذكر هذه القاعدة فى كثير من كتب الحنفية ومنها الأشباه والنظائر لابن نجيم إذ جاءت تحت عنوان القاعدة الثانية عشرة ومقتضاها أن السكوت لا يعد إجازة قولية كما أنه لا يعد فعلا من الأفعال وذلك كله لإينفى أنه قد يفيد الرضا وإن لم يكن قولا أو فعلا ومن الظاهر أن إفادته الرضا مردها الى القرائن التى تحيط به.
وقد جاء فى الأشباه والنظائر: أن الوكالة لاتثبت بالسكوت فإذا رأى أجنبيا يبيع ماله فسكت ولم ينههه لم يكن سكوته توكيلا خلافا لابن أبى ليلى وأن السكوت
لا يعد إذنا للصبى والمعتوه بالتصرف إذا كان من القاضى وحدث السكوت منه وقت تصرفه وكذلك لايعد سكوت المرتهن إذنا للراهن ببيع العين المرهونة ولا يكون أذنا بإتلاف المال إذا ما رأى غيره يتلف ماله فسكت وإذا كانت الإجازة اللاحقة كالأذن السابق فما لايثبت به الإذن لاتثبت به الإجازة وبناء على ذلك لا يكون السكوت إجازة فيما ذكرنا من المسائل ولا فيما يشبهها ويترتب على ذلك أن السكوت لايعد إجازة كما لا يعد إذنا.
غير أنهم قد استثنوا من هذا المبدأ مسائل عديدة ذكرها صاحب الأشباه والحموى بلغت الأربعة والأربعين مسألة ومن هذه المسائل ماعدا السكوت فيه رضا وإجازة
كسكوت البكر البالغة يعد تزويج وليها إياها وسكوتها بعد قبض وليها مهرها وسكوتها إذا بلغت وقد زوجها غير أبيها وجدها وسكوت الواهب عند قبض الموهوب له العين الموهوبة فى حضرته. وسكوت الموقوف عليه بعد الوقف عليه وسكوت الولى إذا رأى الصبى المميز يبيع ويشترى وسكوت الإنسان عند رؤيته غيره يشق زقه إلى غير ذلك من المسائل [5] التى ذكرها وفى جامع الفصولين أن سكوت المالك الحاضر وقت بيع الفضولى لا يعد إجازة وذكر الخير الرملي أن صاحب المحيط ذكر أن سكوته عند البيع وقبض المشترى المبيع يعد رضا وإجازة قال صاحب جامع الفصولين أن مرد الحكم فى ذلك الى القرأئن إذ العبرة فى الإجازة إنما هو تحقق الرضا بالتصرف بأي دليل يدل عليه هذا عند الحنفية وتفصيل القول فى ذلك فى جميع المذاهب يرجع فيه إلى مصطلح (سكوت) (6)
الفرق بين الإجازة والإذن
الإجازة كما بينا إما تنفيذ لتصرف موقوف ومن ثم يترتب عليها إستتباع هذا التصرف لأثاره المترتبة عليه أو إمضاء العقد غير اللازم وإبرامه ومن ثم يترتب عليه سقوط الحق فى فسخه ممن أجازه كما فى البيع بشرط الخيار يجيزه من شرط له الخيار وكما فى شراء عين قبل رؤيتها يجيزه المشترى بعد رؤيتها وعلى ذلك لا تكون إلا تالية للتصرف اما الإذن ويكون سابقا عليه ولذا كان وكالة. أو فى معناها ومن ثم يكون
التصرف الصادر بمقتضاه تصرفا من ذى ولاية بخلاف التصرف الصادر قبل الإجازة فإنه يكون من غير ذى ولاية وقد جاء فى حاشية ابن عابدين فى الفرق بينهما ان الأذن إنما يكون لما سيقع والإجازة إذ تكون لما وقع وأن الأذن يكون بمعنى الإجازة إذا حدث بعد التصرف وكان لأمر وقعت وعلم به الأذن [7] ومعا يجب ملاحظته ان الآذن أو الوكالة يكون فى كل ما يجوز الإذن او الموكل مباشرته من التصرفات والأفعال عند الحنفية إما الإجازة فلا تكون فى كل تصرف يصدر وإنما تختص بالتصرف الموقوفة بسبب يرجع الى نقص الولاية أو عدمها أو تعلق حق الغيرعلى ما يجىء بيانه. كما يلاحظ ان الآذن بالعقد أو بالتصرف يعد توكيلا فيه فيقبل عند الحنفية الرجوع عنه قبل حدوثه من المأذون إما الإجازة فتستتبع أثرها في المال ومن ثم لا يقبل الرجوع فيها من المجيز إذ بمجرد الإجازة ينفذ العقد وإذا نفذ يتوقف بعد نفاذه.
أثر الإجازة فى الأقوال والأفعال
يبنا أن الإجازة فى العقود النافذة التى من شأنها أو من حكمها أن تكون لازمة وقد عرض لها عدم اللزوم بسبب ثبوت خيار فيها سواء أكان خيار شرط ام خيار رؤية أم خيار عيب أم خيار فوات وصف أو نحو ذلك يكون أثرها إمضاء العقد. ولزومه وسقوط الخيار بالنسبة لمن صدرت منة الإجازة وهذا الخلاف فيه بين المذاهب أما إذا كانت فى التصرفات الموقوفة فان أثرها [7] يكون نفاذ هذه التصرفات وترتب آثرها عليها وكأنها قد صدرت من ذى الولاية عليها فإذا كان قد باشرها فضولى أعتبرت صادرة من وكيل بمباشرتها وإذا صدرت من صبى مميز اعتبرت صادرة من الولى عليه وإذا صدرت من المالك ماسة بحق الغير أعتبر المالك مأذونا فيها من صاحب ذلك الحق وهكذا ولهذا قرر الحنفية ان الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة ومعنى ذلك أنها نجعل لمباشر التصرف حكم الوكيل فى مباشرته فيترتب على مباشرته جميع الأحكام التى تترتب على مباشرة الوكيل ويلزم المجيز بما يلزم به الموكل وذلك مع ملاحظة أن ذلك إنما يكون فى الإجازة الصحيحة المستوفية لشروطها وعلى ذلك ترجع حقوق العقد إلى الفضولى فى العقود التى ترجع فيها حقوق العقد الى الوكيل كالبيع وغيره من المعاوضات ولا ترجع إليه فى العقود التى لاترجع فيها حقوقها إلى الوكيل بل يكون فيها سفيرا ومعبر إليه كزواج وما ماثله من كل عقد يعتبر فيه الوكيل. سفيرا ومعبرا وذلك فى رأى من يرى أن حقوق العقد ترجع إلى الوكيل لا إلى الموكل كالحنفية وتفصيل ذلك يعرف فى مصطلح " وكالة " وجملة القول فى ذلك ان إجازة العقد الموقوف تصيره نافذا فى جميع المذاهب وذلك ما يجعلها فى حكم الإذن السابق أو الوكالة السابقة فيكون لها أحكامها على حسب اختلاف المذاهب فى أحكام الوكالة وهذا إذا كانت الإجازة فى التصرفات القولية إما إذا كانت فى تصرف فعلى فقيل أنها لا تلحق الأفعال وقيل إنها تلحق الأفعال كما تلحق الأقوال وعلى القول الأول لايكون
لها أثر ويكون للفعل حكمه وأثره الشرعى الذى يستوجبه حين يصدر ممن لا ولاية له عليه وعلى القول الثانى يكون لها حكم الإذن السابق به: جاء فى الدر المختا ر [8] الإجازة لاتلحق الإتلاف فلو أتلف مال غيره تعديا فقال المالك جزت أو رضيت لم يبرأ المتلف من الضمان ذكره صاحب الأشباه نقلا عن البزازية ولكن نقل صاحب التنوير عن العمارية أن الإجازة تلحق الأفعال وهو الصحيح وبناء عليه تلحق الإتلاف لأنه من جملة الأفعال وجاء فى أبن عابدين تعليقا على ذلك أن الملتقى لو تصدق ياللقطة ثم جاء ربها فأجاز الفعل صحت إجازته وكان لها حكم إذنه وذلك مايدل على أنها تلحق الأفعال ثم نقل عن البيرى على الأشباه أن أحد الورثة إذا اتخذ ضيافة من التركة حال غيبة الآخرين ثم قدموا بعد ذلك وأجازوا.
ثم أرادوا بعد إجازتهم الرجوع فيها وتضمين ذلك الوارث كان لهم ذلك لأن الإتلاف لايتوقف حتى تلحقه الإجازة وذلك يدل على أن الإجازة لا تلحق الأفعال وعلل ذلك بأن الأفعال لاتتوقف حتى تلحقها الإجازة ومعنى ذلك ان الفعل حين يصدر إنما يصدر عن ولاية فيكون بحق أو عن غير ولاية فيكون تعديا ولا تغير الإجازة من طبيعته فلا تجعل ما صدر تعديا صادرا عن حق فيه وعلى ذلك فلا تلحق الإجازة الأفعال وذلك ما يخالف الفرع الخاص بإجازة صاحب اللقطة تصدق الملتقط بها إذ جعلت إجازته كالإذن فلم يكن له حق المطالبة بالضمان وذلك مايتفق مع القول بصحته- وقد ذكر (صاحب الدر) فى مسائل من شتى من كتاب الخنثى أن الإجازة تلحق الأفعال على الصحيح فلو غصب إنسان عينا لأخر فأجاز المالك أخذه إياها صحت إجازته وبرىء الغاصب من الضمان [9] وفى جامع الفصولين غصب شيئا وقبضه فأجاز المالك قبضه برىء من الضمان ولو أودع مال الغير فأجاز المالك إيداعه برئ من الضمان ثم قال والإجازة لا تلحق الأفعال عند أبى حنيفة وتلحقها عند محمد كما تلحق العقود حتى أن الغاصب لو رد المغصوب على أجنبى فأجاز المالك برىء الغاصب عند محمد لا عند الامام ولو بعث بدينه على يد رجل إلى الدائن فجاء الرجل الى الدائن وأخبره ورضى بذلك وقال له اشتر لى به شيئا ثم هلك المال قيل يهلك من مال المدين وقيل يهلك من مال الدائن وهو الصحيح إذ الرضا بقبضه وفى الانتهاء كاءذنه بقبضه فى الإبتداء وهذا التعليل يدل على أن الإجازة تلحق الأفعال وهو الصحيح [10] .
وجملة القول أن المسألة خلافية. وعلى القول لصحة الإجازة فى الأفعال يصير الفعل بها وكأنه صدر من فاعله بناء على أنه مأذون به فينسب إلى إذنه وتكون القاعدة عامة فى الأقوال والأفعال أما علي القول الآخر فإنها تكون خاصة بالإجازة فى الأقوال وفى بيان حكم ذلك فى بقية المذاهب يرجع الى مصطلح " تعدى او اعتداء ".
وبناء على ما تقدم فليس بين الإجازة والإذن فرق من حيث صيرورة الفعل مأذونا به منذ وقع على القول بلحوقها للأفعال أما فى الأقوال فإنه يلاحظ أن الإذن بالعقد يجعله نافذا مترتبا عليه أثره منذ نشأ على حسب وصفه وصورته منجزا أو مضافا أو معلقا أما الإجازة فيختلف الحكم فيها عن ذلك فقد ذهب الحنفية الى أنهما إذا كانت. فيما يقبل التعليق ترتب عليه أثره من وقت الإجازة كالطلاق والعتق والكفالة فلا تطلق الزوجة إلا من وقت إجازة الطلاق ولايصير الكفيل ملتزما إلا من وقت أجازته الكفالة أما إذا كانت فيما لا يقبل التعليق فإنها تجعل العقد نافذا منذ صدر وترتب عليه آثاره من ذلك الوقت كالبيع وعلى ذلك إذا أجيز البيع الموقوف نفذ من وقت نشأته وكان للمشترى زوائد البيع وثمراته ومنافعه منذ وقع العقد لا فرق بين ما يحدث قبل الإجازة وما يحدث بعدها. وعللوا ذلك بأن الموقوف كالمعلق على الإجازة فى المعنى وما يقبل التعليق تقتصر آثاره على وقى حدوث الشرط المعلق عليه إذا ما علق. والشرط هنا هو الإجازة وعلى ذلك تقتصر آثار هذا النوع من العقود على وقت الإجازة- وهذا فى عقد موقوف يقبل التعليق أما مالا يقبل التعليق من العقود الموقوفة فلا يكون توققه على الإجازة فى معنى التعليق لأنه لا يقبله ولذا يستند أثره الى وقت إنشائه كالبيع [11] ولمعرفة حكم المذاهب فى ذلك يرجع الى العقد الموقوف فى مصطلح "عقد".
محل الإجازة
تكون الإجازة فى نوعين من العقود
والتصرفات:
الأول: العقود والتصرفات الموقوفة على إجازة ذوى الشأن فيها ويمكن أجمالها فى العقود والتصرفات التى تصدر ممن لا ولاية له كالفضولى. والصبى المميز بالنسبة إلى ما يتردد بين النفع والضرر والسفيه وكذلك التصرفات التى تصدر فى محل تعلق به حق الغير كبيع المرهون والمستأجر والتبرع فى مرض الموت صريحا او ضمنا كالمحاباة فى المعاوضات وبيع المورث لبعض ورثته والوصية لهم والوصية بأكثر من الثلث وتبرع المحجور عليه للمدين وتبرع من أحاط الدين بماله عند بعض الفقهاء وان لم يحجر عليه وتصرف الرقيق ويضاف إلى ذلك تزوجه وتزوج الصبى المميز ويخر ذلك من العقود والتصرفات الموقوفة- وفى بيان هذه العقود وتفصيل القول فيما يعد من العقود والتصرفات موقوفا او باطلا او نافذا فى مختلف المذاهب يرجع إلى مصطلح " عقد وتصرف "- غير أنه مما يستحسن الإشارة إليه بأجمال هنا أن من العقود مايعد فى بعض المذاهب موقوفا وفى بعضها باطلا كعقد الفضولى وتصرفه وغد الصبى المميز فيما يتردد بين النفع والضرر فذلك يعد موقوفا عند الحنفية إذا كان له مجيز وقت إنشائه وحينئذ ينفذ بالإجازة اما ضد الشافعية فيعد باطلا لا تلحقه الإجازة. وتبرعات الفضولى تعد باطلة عند الشافعية والمالكية وعلى رواية عند الحنابلة فلا تلحقها الإجازة وتعد موقوفة عند الحنفية فتنفذ، الإجازة ولسنا هنا بصدد بيان الموقوف فى مختلفا المذاهب ولذا تكتفى فيه بهذا القدر وكذلك يلاحظ أن العقد قد يعد موقوفا بالنظر إلى شخص فلا ينفذ بالنسبة إليه الا بإجازته بينما يعد نافذا لازما بالنظر الى آخر فلا يتوقف ولا يكون بحاجة الى إجازته وذلك كما فى بيع المرهون وبين المستأجر ويرجع إذا ذلك فى مصطلح " بيع " وكذلك يلاحظ أن تبرع من أحاط الدين بماله محل خلاف بين الفقهاء فى كونه موقوفا على الإجازة عند من يرى وقفه أو غير موقوف عند غيره.
النوع الثانى: العقود والتصرفات اللازمة التى دخلها خيار فصارت به غير لازمة أو روعى أن لزومها يمس حق الغير فجعل له حق فسخها أوطلب فسخها دفعاَ للضرر عن نفسه وذلك كعقود المعاوضات التى دخلها خيار الشرط أو خيار الرؤية أو خيار العيب او فوات الوصف مثل البيع والإجارة والصلح، وكذلك تزويج المرأة البالغة العاقلة نفسها من غير كفء أو بأقل من مهر مثلها، فإن العقد يكون غير لازم، إذ لوليها العاصب حق الإعتراض. وطلب الفسخ إجارته فى هذه الحال تسقط حقه فى الاعتراض وتجعل العقد لازما.
تصرفات المكره
من التصرفات التى تلحقها الإجازة فى بعض المذاهب تصرف المكره وإن لم يعد موقوفا فيها. وقد اختلف فقهاء الحنفية فى وصف العقد الصادر من المكره فقال زفر هو عقد موقوف على إجازته منه بعد زوال الإكراه فإذا كان
بيعا لايثبت به الملك إلا بعد الإجازة أماباقى فقهاء المذهب فقد قالوا هو عقد فاسد يثبت به الملك عند القبض وبإجازة المالك بعد زوال الإكراه يرتفع المفسد هو الإكراه وعدم الرضا، بناء على أن ركن العقد قد صدر من أهله مضافا الى محله. والفساد إنما كان لفقد شرط هو الرضا وبارتفاع المفسد وهوالاكراه وعدم الرضا ينفذ العقد [12] وفى ذلك يقول السرخسى فى مبسوطه " الإكراه لا يمنع انعقاد أصل البيع فقد وجد مابه ينعقد البيع من الإيجاب والقبول من أمله فى محل قابل له ولكن إمتنع نفوذه لإنعدام تمام الرضا بسبب الإكراه فإذا أجاز البيع غير مكره فقد تم رضاه به ولو أجاز بيعا باشره غيره نفذ بإجازته فإذا أجاز بيعا باشره هو كان بالنفاذ أولى وبيع المكره فاسد [13] ويرى الجمهور أنه باطل لاتلحقه إجازة، ويرجع فى تفصيل أحكام المذاهب فى ذلك الى مصطلح (إكراه)
تصرف الهازل
يجرى على لسان فقهاء الحنفية أن تصرف الهازل باطل إلا فيما أستثنى بالحديث ونزل فيه الهازل منزلة الجاد لقوله صلى الله عليه وسلم ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والوصية وفى رواية العتق.
وفى ذلك يقول. الكاسانى فى بيع الهازل " ولا يصح بيع الهازل لأنه متكلم بكلام البيع لا على إرادة حقيقته فلم يوجد الرضا
بالبيع فلا يصح بخلا ف طلاق الهازل فإنه واقع لأن الهزل فى باب الطلاق ملحق بالجد شرعا، قال صلى الله عليه وسلم ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد الطلاق والنكاح والعتاق. فألحق الهازل بالجاد فيه ومثل هذا لم يرد بالبيع، والهزل يمنع البيع لأنه يعدم الرضا بمباشرة السبب " ولكن جاء فى "الحموى " على الأشباه أن مراد الفقهاء ببطلانه أنه كالباطل فى الحكم من حيث أنه لإيفيد ملكا بالقبض ولكن الواقع أنه فاسد بدليل أن فساده يرتفع بعدول لهازل عن هزله وبالعدول يصح العقد وينفذ بلا حاجة أى تجديده وذلك صريح فى أن تصرف الهازل تلحقه إجازة الهازل له وهو جاد فى إجازته فينفذ وإن وصف بالبطلان وبالفساد راجع مصطلح (هز) لبيان حكام المذاهب فى ذلك.
شروط الإجازة
إذا كانت إجازه لعقد معاوضة أشترط فيها ما يأتى عند الحنفية:
لأول: أن تصدر حال حياة من باشر العقد من غير ولاية إذا كان سينقلب بها وكيلاَ يرجع إليه حقوق العقد وذلك يكون فى عقود المعاوضات التى يباشرها فضولى مثل البيع والإجارة إذ بالإجازة ينقلب وكيلا وترجع إليه حقوق العقد فإذا باشر فضولى عقدا من هذه العقود ثم توفى قبل إجازته بطل العقد ولم تلحقه إجازة بعد ذلك ممن عقد له العقد وعلى ذا لم ينفذ العقد على الفضولى كما فى الشراء والاستئجار لأنه
فى هذه الحال لايتوقف بل ينفذ عليه " راجع مصطلح فضولى" لهذا لزم أن تكون الإجارة حال حياته ليقوم بما التزم به من حقوق نتيجة لعقده أما العقود الأخرى التى يعتبر فيها الوكيل سفيرا ومعبرا فلا ترجع إليه فيها الحقوق ومن ثم إذا باشرها فضولى وانقلب بالإجازة وكيلا كان حكمه حكم الرسول فصار فيها سفيرا ومعبرا وأنتهت مهمته فيها بإنتهاء عبارته فإذا توفى ثم أجيزت بعد وفاته نفذت ولزمت إذ ليس مناك حق لزمه بعقد وفات بوفاته وبناء على ذلك إذا زوج فضولى إمرأة ثم توفى كان للزوجة أن تجيز هذا العقد بعد وفاته ويصير العقد بإجازتها نافذا لازما وكذلك الحكم إذا كان الفضولى قد باشر العقد عن الزوج كان للزوج إجازته بعد وفاة الفضولى.
ويلاحظ إشتراط هذا الشرط فى التصرف الموقوف الصادر من الصبى المميز أو من السفيه أومن الراهن أو من المؤجر أو من المتبرع فى مرض الموت أو من المحجور عليه للمدين- فيجب أن تكون إجازته فى حياتهم إذ بوفاتهم قبل أجازته تبطل لعدم تمامه قبل الوفاة أما إجازه الوصية للوارث أو بأكثر من الثلث فلاتصح عند الحنفية والشافعية والحنابلة وبعض الزيدية إلا بعد وفاة المتصرف وهو الموصى وذهب عطاء وربيعة الرأى وحماد وعبد الملك بن يعلى والأوزاعى وأبن أبى ليلى الى صحتها حال حياة الموصى وبعد وفاته وهذا الرأى هو المعتمد عند الزيدية والإباضية وكذلك هو المعتمد عند الشيعة الجعفرية بالنظر إلى الوصية بأكثر من الثلث أما الوصية للوارث فنافذة عندهم.
ويرى مالك صحة الإجازة حال حياة الموصى إذا كانت فى أثناء مرضه مرضا مخوفا يغلب فيه الموت وقدمات منه ولم يكن هناك ما يحمل الوارث عليها وأرجع إلى تفصيل الأحكام الى مصطلح " وصية " عند كلام عن إجارتها
الثانى: أن تصدر الإجازة حال حياة من عقد العقد له فإذا كان بين فضولى وآخر وجب أن تصدر حال حياة من عقد له الفضولي وإذا كان بين فضوليين وجب أن تصدر حال حياة من عقد العقد لهما وذلك يظهر معنى نفاذها بمطالبة من نسب إليه العقد بما يوجبه عديه بعد نفاذه بالإجازة وعلى ذلك لا يصح إجازة بيع الفضولى بعد والوفاة المشترى منه ولا بعد وفاة البائع بإجازته من ورثته إذ يبطل العقد حينئذ بوفاة البائع المالك إذ ليس لورثته حق إجازته كما لاتصح إجازة عقد النكاح بعد وفاة حد الزوجين وبعد وفاة الموصى له ولا تصح بعد وفاة من باشر العقد مع الصبى المميز أو السفيه لبطلان العقد ووفاته قبل تمامه وارجع فى تفصيل أحكام هذأ الموضوع الى العقد الموقوف فى مصطلح (عقد)
الثالث: أن تصدر الإجازة حال بقاء محل العقد حتى يظهر أثرها فيه عند صدورها
فلا تصح إجازة البيع بعد هلاك البيع بعد وإذا كان الثمن عرضا أى عينا كان بقاؤه الى صدورها شرطا فى صحتها أيضا لأنه فى هذه الحال يعد مبيعا اشتراه لنفسه فينفذ عليه والإجازة هنا تعد إجازة بنقد ثمن هذه العين من مال المجيز فإذا لم يصر اليه كان عليه مثلي ان كان مثليا وقيمته أن كان قيماً للمجيز (14)
الرابع: أن يكون المجيز أهلا لمياشره التصرف الذى أجازه فيجب أن يكون أهلا للتبرع إذا كان التصرف تبرعا وأهلا للمعاوضة إذا كان التصرف بيعا أو إجازة ونحو ذلك إذن الإجازة لهاء فيجب فيها من الشروط ما يجب فى الإنشاء وعلى ذلك ألا تصح إجازة المحجور على " للدين لتبرع باشره عنه فضولى ولا إجازتة صبى مميز أو سفيه لمعاوضة باشرها عنه فضولى ولا أجازته لوصية لوارث أو بأكثر من الثلث- ويرى الحنابلة صحة إجازة الى المحجور عليه الدين لوصية متوقفة وذلك على القول بان الإجازة تنفيذ لا على القول بأنها عطية (15)
الخامس: أن يكون المجيز عالما محل العقد من وجود أو عدم عند أبى يوسف رحمة الله خلافا لمحمد فإذا أجاز المالك وهو غير عالم لقيام محل العقد لم تصح الإجازة عند أبى يوسف وصحت عند محمد رحمه الله (16)
(1) المصباح المنير والقاموس المحيط مادة "جوز" [2] جامع الفصولين ج1ص228 [3] فتح القدير ج3ص431 طبعة بولاق. [4] التاج المذهب ج2ص55،ص56 [5] الأشباه والنظائر الفن الاول ص184طبعة اسلامبول.
(6) ابن عابدين ج2 ص383 طبعة بولاق1323. [7] (جامع الفصولين) ج اص231 بولاق. [8] ج5 ص139. [9] الدر المختار ج 5ص 538 طبعة الحلبى. [10] جامع الفصولين ج1 ص 237. [11] ابن عابدين ج2ص539. [12] شرح النهاية.والنهاية وتكملة فتح القدير ج7 ص292 كتاب الإكراه وما بعدها مطبعة المكتبة التجارية. [13] المبسوط للسرخسى ج24 ص93، ص94.
(14) فتح القدير ج5 ص312
(15) المغنى ج6ص429
(16) الهداية والفتح والعناية ج5 ص311،ص312،ص313
اسم الکتاب : موسوعة الفقه المصرية المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 70