اسم الکتاب : خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : فيصل المبارك الجزء : 1 صفحة : 310
قوله: فقال: ((ولم يفعل أحدكم ذلك؟)) ، ولم يقل: "فلا يفعل ذلك أحدكم"، أشار إلى أنه لم يصرِّح لهم بالنهي، وإنما أشار إلى أن الأَوْلَى ترك ذلك؛ لأن العزل إنما كان خشية حصول الولد فلا فائدة في ذلك؛ لأن الله إن كان قدَّر خلق الولد لم يمنع العزل ذلك، فقد يسبق الماء فلا يشعر العازل فيحصل العلوق ويلحقه الولد، ولا رادٌّ لما قضى الله، ولهذا قال: فإنه ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها.
قوله: "كنَّا نعزل والقرآن ينزل، لو كان شيئًا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن"، كأنه يقول: فعلناه في زمن التشريع، ولو كان حرامًا لم نقرَّ عليه، ولمسلم عن جابر: "أن رجلاً أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن لي جارية، وأنا أطوف عليها، وأنا أكره أن تحمل، فقال: ((اعزل عنها إن شئت، فإنه سيأتيها ما قدر لها)) ، فلبث الرجل، ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حبلت، قال: ((قد أخبرتك)) ، وفي رواية: فقال: ((أنا عبد الله ورسوله)) .
قال ابن عبد البر: لا خلاف بين العلماء أنه لا يعزل عن الزوجة الحرَّة إلا بإذنها؛ لأن الجماع من حقِّها ولها المطالبة به، وليس الجماع المعروف إلا ما لا يلحقه عزل، اهـ.
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس قال: "تُستَأذن الحرَّة في العزل ولا تُستَأمر الأمَة، فإن كانت أمَة تحت حر فعليه أن يستأمرها".
* * *
الحديث الثامن
عن أبي ذر - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ليس من رجلٌ أدعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومَن ادَّعى ما ليس له فليس منَّا، وليتبوَّأ مقعده من النار، ومَن دعا رجلاً بالكفر أو قال: يا عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه)) ، كذا عند مسلم، وللبخاري نحوه.
اسم الکتاب : خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : فيصل المبارك الجزء : 1 صفحة : 310