اسم الکتاب : خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : فيصل المبارك الجزء : 1 صفحة : 308
عليه وسلم - أخت عبد بن زمعة، أمرها بالحجاب احتياطًا لما رأى الشبه بينًا بعتبة، ولأن الحجاب في حق أمهات المؤمنين أغلظ منه في غيرهن.
وفي الحديث دليلٌ على أن القائف إنما يعتمد في الشبه إذا لم يعارضه ما هو أقوى منه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتلفت هنا إلى الشبه بل حكم بالولد لصاحب الفراش، وكذا لم يُحكَم بالشبه في قصة الملاعنة؛ لأنه عارَضَه حكم أقوى منه وهو مشروعية اللعان، والله أعلم.
* * *
الحديث الخامس
عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليَّ مسرورًا تبرق أسارير وجهه، فقال: ((ألم تري أن مجزرًا نظر آنفًا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد. فقال: إن بعض هذه الأقدام لمن بعض)) ، وفي لفظ: ((كان مجزر قائفًا)) .
(القائف) : هو الذي يعرف الشبه ويميز الأثر والجمع القافة.
قوله: "تبرق أسارير وجهه" (الأسارير) : الخطوط التي في الجبهة.
قوله: ((ألم تري أن مجزرًا نظر آنفًا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد)) ، وفي رواية: ((ألم تري أن مجزرًا المدلجي دخل فرأى أسامة وزيدًا وعليهما قطيفة قد غطَّيَا رؤوسهما وبدت أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض)) ، (المدلجي) : نسبة إلى مدلج بن مرة بن عبدمناف بن كنانة، وكانت العرب تعترف لهم بالقيافة، وليس ذلك خاصًّا بهم.
قال أبو داود: نقل أحمد بن صالح عن أهل النسَب أنهم كانوا في الجاهلية يقدحون في نسب أسامة؛ لأنه كان أسود شديد السواد، وكان أبوه أبيض من القطن، فلمَّا قال القائف ما قال مع اختلاف اللون سُرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -
اسم الکتاب : خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : فيصل المبارك الجزء : 1 صفحة : 308