اسم الکتاب : خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : فيصل المبارك الجزء : 1 صفحة : 102
قلت: ويؤيِّده ما رواه مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن سبَّح الله دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر الله ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسع وتسعون وقال تمام المائة: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غُفِرت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر)) .
قال الحافظ: وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدَّم أن العالِم إذا سُئِل عن مسألة يقع فيها الخلاف أن يجيب بما يلحق به المفضول درجة الفاضل، ولا يجيب بنفس الفاضل لئلاَّ يقع الخلاف، وفيه التوسعة في الغبظة والفرق بينهما وبين الحسد المذموم، وفيه المسابقة إلى الأعمال المحصلة للدرجات العالية لمبادرة الأغنياء إلى العمل بما بلَغَهم، وفيه أن العمل السهل قد يدرك به صاحبه فضل العمل الشاق، وفيه أن العمل القاصر قد يساوي المتعدِّي.
* * *
الحديث الرابع
عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في خميصة لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلمَّا انصرف قال: ((اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وأتوني بأنبجانية أبي جهم؛ فإنها ألهتني آنفًا عن صلاتي)) .
((الخميصة)) : كساء مربع له أعلام، ((والأنبجانية)) : كساء غليظ.
قال ابن دقيق العيد: فيه دليل على جواز لباس الثوب ذي العلم، وعلى أن اشتغال الفكر يسيرًا غير قادح في الصلاة، وفيه دليلٌ على طلب الخشوع في الصلاة والإقبال عليها، ونفي ما يقتضي شغل الخاطر بغيرها، انتهى.
وقال شيخنا سعد بن عتيق - رحمه الله تعالى -: في الحديث دليلٌ على جواز الكلام بعد السلام قبل الذكر والدعاء، والله أعلم.
اسم الکتاب : خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام المؤلف : فيصل المبارك الجزء : 1 صفحة : 102