responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حجة الله البالغة المؤلف : الدهلوي، شاه ولي الله    الجزء : 1  صفحة : 77
(بَاب اخْتِلَاف أَحْوَال النَّاس فِي البرزخ)
اعْلَم أَن النَّاس فِي هَذَا الْعَالم على طَبَقَات شَتَّى لَا يُرْجَى إحصاؤها، لَكِن رُءُوس الْأَصْنَاف أَرْبَعَة.
صنف هم أهل الْيَقَظَة، وَأُولَئِكَ يُعَذبُونَ، وينعمون بأنفس تِلْكَ المتافرات والمناسبات، وَإِلَى حَال هَذَا الصِّنْف وَقعت الْإِشَارَة فِي قَوْله تَعَالَى:
{أَن تَقول نفس يَا حسرتا على مَا فرطت فِي جنب الله وَإِن كنت لمن الساخرين} .
وَرَأَيْت طَائِفَة من أهل الله صَارَت نُفُوسهم بِمَنْزِلَة الجوابي الممتلئة مَاء راكدا: لَا تهيجه الرِّيَاح، فضربها ضوء الشَّمْس فِي الهاجرة، فَصَارَت بِمَنْزِلَة قِطْعَة من النُّور، وَذَلِكَ النُّور إِمَّا نور الْأَعْمَال المرضية، أَو نور الياد داشت، أَو نور الرَّحْمَة.
وصنف قريب المأخذ مِنْهُم، لَكِن هم أهل النُّور الطبيعي، فَأُولَئِك تصيبهم رُؤْيا، والرؤيا فِينَا حُضُور عُلُوم مخزونة فِي الْحس الْمُشْتَرك كَانَت مسكة الْيَقَظَة تمنع عَن الِاسْتِغْرَاق فِيهَا والذهول عَن كَونهَا خيالات، فَلَمَّا نَام لم يشك أَنَّهَا عين مَا هِيَ صورها، وَرُبمَا يرى الصفراوي أَنه فِي غيضة يابسة فِي يَوْم صَائِف وسموم، فَبينا هُوَ كَذَلِك إِذْ فاجاءته النَّار من كل جَانب، فَجعل يهرب، وَلَا يجد مهربا، ثمَّ أَنه لفحته فقاسى ألما شَدِيدا، وَيرى البلغمى أَنه فِي لَيْلَة شَاتِيَة ونهر بَارِد وريح زمهريرية، فهاجت بسفينته الأمواج، فَصَارَ يهرب، وَلَا يجد مهربا، ثمَّ إِنَّه غرق، فقاسى ألما شَدِيدا، وَإِن أَنْت استقريت النَّاس لم تَجِد أحدا إِلَّا وَقد جرب من نَفسه تشبح الْحَوَادِث المجمعة بتنعمات وتوجعات مُنَاسبَة لَهَا وللنفس الرائية، فَهَذَا الْمُبْتَلى فِي الرُّؤْيَا غير أَنَّهَا رُؤْيا لَا يقظة مِنْهَا إِلَّا يَوْم الْقِيَامَة، وَصَاحب الرُّؤْيَا لَا يعرف فِي رُؤْيَاهُ أَنَّهَا لم تكن أَسمَاء خارجية، وَأَن التوجع والتنعم لم يكن فِي الْعَالم الْخَارِجِي، وَلَوْلَا يقظة لم يتَنَبَّه لهَذَا السِّرّ فَعَسَى أَن يكون تَسْمِيَة هَذَا الْعَالم عَالما خارجيا أَحَق وأفصح من تَسْمِيَته بالرؤيا، فَرُبمَا يرى صَاحب السبعية أَنه يخدشه سبع، وَصَاحب الْبُخْل تنهشه حيات وعقارب، ويتشبح زَوَال الْعُلُوم الفوقانية بملكين يسألانه من رَبك، وَمَا دينك، وَمَا قَوْلك فِي النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ .

اسم الکتاب : حجة الله البالغة المؤلف : الدهلوي، شاه ولي الله    الجزء : 1  صفحة : 77
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست