responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حجة الله البالغة المؤلف : الدهلوي، شاه ولي الله    الجزء : 1  صفحة : 162
وَبِالْجُمْلَةِ فَكل من تولى لإِصْلَاح جم غفير مُخْتَلفَة استعدادهم، وَلَيْسوا من الْأَمر على بَصِيرَة وَلَا فِيهِ على رَغْبَة يضْطَر إِلَى تَقْدِير وتوقيت وَتَعْيِين أوضاع وهيئات يَجْعَلهَا الْعُمْدَة فِي الْمُطَالبَة والمؤاخذة.
وَأعلم أَن الله تَعَالَى لما اراد ببعثة الرُّسُل أَن يخرج النَّاس من الظُّلُمَات إِلَى النُّور، فَأوحى إِلَيْهِم أمره لذَلِك، وَألقى عَلَيْهِم نوره، وَنَفث فيهم الرَّغْبَة
فِي إصْلَاح الْعَالم، وَكَانَ اهتداء الْقَوْم يَوْمئِذٍ لَا يتَحَقَّق إِلَّا بِأُمُور ومقدمات وَجب فِي حِكْمَة الله أَن يلتوى جَمِيع ذَلِك فِي إِرَادَة بعثتهم، وَأَن يكون افتراض طَاعَة الرُّسُل وانقيادهم منفسحا إِلَى افتراض مُقَدمَات الْإِصْلَاح، وكل مَا لَا يتم فِي الْعقل أَو الْعَادة إِلَّا بِهِ فَإِنَّهُ جملَة بجر بَعْضهَا بَعْضًا، وَالله لَا يخفى عَلَيْهِ خافية، وَلَيْسَ فِي دين الله جزاف، فَلَا يعين شَيْء دون نَظَائِره إِلَّا بِحكم وَأَسْبَاب يعلمهَا الراسخون فِي الْعلم، وَنحن نُرِيد ان ننبه على جملَة صَالِحَة من تِلْكَ الحكم والأسباب، وَالله أعلم.
(بَاب أَسبَاب نزُول الشَّرَائِع الْخَاصَّة بعصر دون عصر وَقوم دون قوم)
وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى:
{كل الطَّعَام كَانَ حلا لبني إِسْرَائِيل إِلَّا مَا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه من قبل أَن تنزل التَّوْرَاة قل فَأتوا بِالتَّوْرَاةِ فاتلوها إِن كُنْتُم صَادِقين} .
تَفْسِيرهَا أَن يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام مرض مَرضا شَدِيدا، فَنَذر لَئِن عافاه الله ليحرمن على نَفسه أحب الطَّعَام وَالشرَاب إِلَيْهِ، فَلَمَّا عوفي حرم على نَفسه لحْمَان الْإِبِل وَأَلْبَانهَا، وأقتدى بِهِ بنوه فِي تَحْرِيمهَا، وَمضى على ذَلِك الْقُرُون حَتَّى أضمروا فِي نُفُوسهم التَّفْرِيط فِي حق الْأَنْبِيَاء إِن خالفوهم بأكلها، فَنزل التَّوْرَاة بِالتَّحْرِيمِ، وَلما بَين النَّبِي صلى اله عَلَيْهِ وَسلم أَنه على مِلَّة إِبْرَاهِيم قَالَت الْيَهُود كَيفَ يكون على مِلَّته وَهُوَ يَأْكُل لُحُوم الْإِبِل وَأَلْبَانهَا، فَرد الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَن كل الطَّعَام كَانَ حلا فِي الأَصْل وَإِنَّمَا حرمت الْإِبِل لعَارض لحق باليهود، فَلَمَّا ظَهرت النُّبُوَّة فِي بني إِسْمَاعِيل وهم بُرَآء من ذَلِك الْعَارِض لم يجب رعايته.
وَقَول النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاة التَّرَاوِيح " مَا زَالَ بكم الَّذِي رَأَيْت من صنيعكم حَتَّى خشيت أَن يكْتب عَلَيْكُم، وَلَو كتب عَلَيْكُم مَا قُمْتُم بِهِ، فصلوها أَيهَا النَّاس فِي بُيُوتكُمْ " فكبحهم النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن جعلهَا شَائِعا ذائعا بَينهم لِئَلَّا تصير من شَعَائِر الدّين، فيعتقدوا تَركهَا تفريطا فِي جنب الله، فتفرض عَلَيْهِم.

اسم الکتاب : حجة الله البالغة المؤلف : الدهلوي، شاه ولي الله    الجزء : 1  صفحة : 162
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست