responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حجة الله البالغة المؤلف : الدهلوي، شاه ولي الله    الجزء : 1  صفحة : 153
{سنفرغ لكم أَيهَا الثَّقَلَان}
وجازاه الْجَزَاء الأوفى وَالله اعْلَم.
(المبحث السَّادِس)
(مَبْحَث السياسات الملية)
(بَاب الْحَاجة إِلَى هداة السبل ومقيمى الْملَل)
قَالَ الله تَعَالَى:
{إِنَّمَا أَنْت مُنْذر وَلكُل قوم هاد}
وَاعْلَم أَن السّنَن الكاسبة لانقياد البهيمية للملكية والآثام المباينة لَهَا، وَإِن كَانَ الْعقل السَّلِيم يدل عَلَيْهَا، وَيدْرك فَوَائِد هَذِه ومضار تِلْكَ، لَكِن النَّاس فِي غَفلَة مِنْهَا، لِأَنَّهُ تغلب عَلَيْهِم الْحجب، فَيفْسد وجدانهم، كَمثل الصفراوي، فَلَا يتصورون الْحَالة الْمَقْصُودَة وَلَا نَفعهَا وَلَا الْحَالة المحوفة وَلَا ضررها، فيحتاجون إِلَى عَالم بِالسنةِ الراشدة يسوسهم، وَيَأْمُر بهَا، ويحض عَلَيْهَا، وينكر على مخالفتها.
وَمِنْهُم ذُو رَأْي فَاسد لَا يقْصد بِالذَّاتِ إِلَّا لأضداد الطَّرِيقَة الْمَطْلُوبَة فيضل ويضل، فَلَا يَسْتَقِيم أَمر الْقَوْم إِلَّا بكبته وإخماله.
وَمِنْهُم ذُو رَأْي رَاشد فِي الْجُمْلَة لَا يدْرك إِلَّا حِصَّة نَاقِصَة من الاهتداء
فيحفظ شَيْئا، ويغيب عَنهُ أَشْيَاء، أَو يظنّ فِي نَفسه أَنه الْكَامِل الَّذِي لَا يحْتَاج إِلَى مكمل، فَيحْتَاج إِلَى من ينبهه على جَهله.
وَبِالْجُمْلَةِ فَالنَّاس يَحْتَاجُونَ لَا محَالة إِلَى عَالم حق الْعلم تؤمن فلتاته.
وَلما كَانَت الْمَدِينَة مَعَ استبداد الْعقل المعاشى الَّذِي يُوجد عِنْد كثير من النَّاس بِإِدْرَاك النظام المصلح لَهَا تضطر إِلَى رجل عَارِف بِالْمَصْلَحَةِ على وَجههَا يقوم بسياستها، فَمَا ظَنك بِأمة عَظِيمَة من الْأُمَم تجمع استعدادات مُخْتَلفَة جدا فِي طَريقَة لَا يقبلهَا بِشَهَادَة الْقُلُوب إِلَّا الازكياء أهل الْفطْرَة الصافية أَو التَّجْرِيد الْبَالِغ، وَلَا يهدى إِلَيْهَا إِلَّا الَّذين هم فِي أَعلَى دَرَجَة من أَصْنَاف النُّفُوس - وَقَلِيل مَا هم.
وَكَذَلِكَ أَيْضا لما كَانَت الحدادة والنجارة وأمثالهما لَا تتأتى من جُمْهُور النَّاس بسنن مأثورة عَن أسلافهم وأساتذة يهدونهم إِلَيْهَا، ويحضونهم عَلَيْهَا، فَمَا ظَنك بِهَذِهِ المطالب الشَّرِيفَة الَّتِي لَا يَهْتَدِي إِلَيْهَا إِلَّا الموفقون، وَلَا يرغب فِيهَا إِلَّا المخلصون.

اسم الکتاب : حجة الله البالغة المؤلف : الدهلوي، شاه ولي الله    الجزء : 1  صفحة : 153
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست