responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حجة الله البالغة المؤلف : الدهلوي، شاه ولي الله    الجزء : 1  صفحة : 144
وَمِنْهَا تقريبات ترد على الْبشر من غير اخْتِيَاره كالمصائب والأمراض، فتعد من بَاب الْبر لمعان:
مِنْهَا أَن الرَّحْمَة إِذا تَوَجَّهت إِلَى عبد بصلاح عمله، واقتضت الْأَسْبَاب التضيق عَلَيْهِ انصرفت إِلَى تَكْمِيل نَفسه، فكفرت خطاياه، وكتبت لَهُ
الْحَسَنَات، كَمَا إِذا صد نبع المَاء نبع المَاء من فَوْقه وَمن تَحْتَهُ، فينسب الإجراء إِلَى ذَلِك التضيق، والسر فِي الْمُحَافظَة على الْخَيْر النسبي.
وَمِنْهَا أَن الْمُؤمن إِذا اشتدت بِهِ المصائب ضَاقَتْ عَلَيْهِ الأَرْض بِمَا رَحبَتْ، فانكسر حجاب الطَّبْع والرسم، وانقلع قلبه إِلَّا عَن الله، أما الْكَافِر، فَلَا يزَال يتَذَكَّر الْفَائِت، ويغوص فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا حَتَّى يصير أَخبث مِنْهُ قبل أَن يُصِيبهُ مَا أصَاب.
وَمِنْهَا أَن حَامِل السيآت المتحجرة إِنَّمَا هُوَ البهيمية الغليظة الكثيفة، فَإِذا مرض وَضعف، وتحلل مِنْهُ أَكثر مِمَّا يدْخل فِيهِ اضمحل كثير من الْحَامِل، وانتقص بِقدر ذَلِك الْمَحْمُول، كَمَا نرى أَن الْمَرِيض يَزُول شبقه وغضبه، وتبدل أخلاقه، وينسى كثيرا مِمَّا كَانَ فِيهِ كَأَنَّهُ لَيْسَ الَّذِي كَانَ.
وَمِنْهَا أَن الْمُؤمن إِذا انفكت بهيميته عَن ملكيته نوع انفكاك أَخذ على سيآته فِي الدُّنْيَا غَالِبا، وَذَلِكَ حَدِيث " نصيب الْمُؤمن من الْعَذَاب نصب الدُّنْيَا " " وَالله اعْلَم.
(بَاب طَبَقَات الاثم)
اعْلَم أَنه كَمَا أَن لانقياد البهيمية للملكية أعمالا هِيَ أشباحه ومظانه وَالسّنَن الكاسبة لَهُ، فَكَذَلِك للحالة المضادة لإنقياد كل المضادة أَعمال ومظان وكواسب، وَهِي الآثام، وَهِي على مَرَاتِب،
الْمرتبَة الأولى: أَن ينسد سَبيله إِلَى الْكَمَال الْمَطْلُوب رَأْسا، ومعظم ذَلِك فِي نَوْعَيْنِ:
أَحدهمَا: مَا يرجع إِلَى المبدأ بألا يعرف أَن لَهُ رَبًّا، أَو يعرف متصفا بِصِفَات المخلوقين، أَو يعْتَقد فِي مَخْلُوق شَيْء من صِفَات الله: فَالثَّانِي التَّشْبِيه، وَالثَّالِث الْإِشْرَاك، فَإِن النَّفس لَا تقدس أبدا حَتَّى تجْعَل مطمح بصيرتها
التجرد الفوقاني، وَالتَّدْبِير الْعَام الْمُحِيط بالعالم، فَإِذا فقدت هَذِه بقيت مَشْغُولَة بِنَفسِهَا، أَو بِمَا هُوَ مثل نَفسهَا فِي التقيد كل الشّغل لَا يقْدَح حجاب النكرَة، وَلَا مَوضِع أبرة، فَهَذَا هُوَ الْبلَاء كل الْبلَاء.

اسم الکتاب : حجة الله البالغة المؤلف : الدهلوي، شاه ولي الله    الجزء : 1  صفحة : 144
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست