responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تهذيب الآثار مسند علي المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 3  صفحة : 147
253 - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " §الْكَذِبُ لَا يَحِلُّ مِنْهُ جِدٌّ، وَلَا هَزْلٌ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التَّوْبَة: 119] وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ (وَكُونُوا مِنَ الصَّادِقِينَ) ، فَهَلْ تَرَوْنَ مِنْ رُخْصَةٍ فِي الْكَذِبِ؟ "

254 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّ «§الْكَذِبَ لَا يَصْلُحُ مِنْهُ جِدٌّ، وَلَا هَزْلٌ»

255 - حَدَّثَنِي سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: " §لَا يَصْلُحُ الْكَذِبُ هَزْلُهُ وَلَا جِدُّهُ، وَلَا أَنْ يَعِدَ أَحَدُكُمْ صَبِيَّهُ شَيْئًا، ثُمَّ يُخْلِفَهُ، ثُمَّ قَرَأَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التَّوْبَة: 119] .

256 - حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: ذَكَرْتُ لِإِبْرَاهِيمَ حَدِيثَ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّهُ قَالَ: " §رُخِّصَ فِي الْكَذِبِ فِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَانُوا لَا يُرَخِّصُونَ فِي الْكَذِبِ فِي هَزْلٍ وَلَا جِدٍّ "

257 - حَدَّثَنِي سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، قَالَ أَبُو السَّائِبِ: أَحْسِبُهُ عَنِ ابْنِ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: " دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ قَدْ كَانَ دَخَلَ فِيهِ، فَجَعَلَ النَّاسُ -[148]- يَقُولُونَ: هَذَا كَسَاكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَجَعَلَ يَمْسَحُهُ وَيَقُولُ: §جَزَى اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَيْرًا. قَالَ: فَقَالَ لِي أَبِي: يَابُنَيَّ، اتَّقِ اللَّهَ، وَإِيَّاكَ وَالْكَذِبَ وَمَا يُشْبِهُهُ " وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْكَذِبَ الَّذِي أَذِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ: فِي الْحَرْبِ، وَفِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ، وَعِنْدَ الْمَرْأَةِ تُسْتَصْلَحُ بِهِ هُوَ مَا كَانَ مِنْ تَعْرِيضٍ يُنْحَى بِهِ نَحْوَ الصِّدْقِ، غَيْرَ أَنَّهُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْمَعْنَى الَّذِي فِيهِ الْخَدِيعَةُ لِلْعَدُوِّ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْحَرْبِ، أَوْ مُرَادَ السَّامِعِ إِنْ كَانَ فِي إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ، أَوْ مُرَادِ الْمَرْأَةِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي اسْتِصْلَاحِهَا، وَذَلِكَ كَالَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي خَدِيعَةِ الْحَرْبِ لِنُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ: «فَلَعَلَّنَا أَمَرْنَاهُمْ بِذَلِكَ» ، وَكَقَوْلِ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَثْعَمِيِّ: إِنَّا دَارِبُونَ غَدًا دَرْبَ كَذَا، ثُمَّ يُصْبِحُ مِنَ الْغَدِ فَيُدْرِبُ غَيْرَهُ مِنَ الدُّرُوبِ وَذَاكَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقُلْ: إِنَّا دَارِبُونَ غَدَ يَوْمِنَا هَذَا، فَإِنَّهُ مَتَى أَدْرَبَ بَعْدَ يَوْمِهِ فَقَدْ أَدْرَبَ غَدًا، لِأَنَّ كُلَّ مَا بَعْدَ يَوْمِهِ ذَلِكَ يُسَمَّى غَدًا. وَكَذَلِكَ قَوْلُ مُعَاوِيَةَ بْنِ هِشَامٍ: اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى عَمُّورِيَّةَ وَهُوَ يُرِيدُ غَيْرَهَا مِنَ الْكَذِبِ بِمَعْزِلٍ. فَمَا كَانَ مِنْ تَعْرِيضٍ عَلَى -[149]- هَذَا الْوَجْهِ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْحَرْبِ. وَأَمَّا الْكَذِبُ فِي اسْتِصْلَاحِ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ، فَمِثْلُ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ حِينَ وَجَدَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ بِسَبَبِ جَارِيَتِهِ: اشْهَدُوا أَنَّهَا لَهَا , وَهُوَ يُشِيرُ إِلَى الْمِرْوَحَةِ الَّتِي هِيَ فِي يَدِهِ، كَقَوْلِهِ لَهَا: هِيَ حُرَّةٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَمِّيَ الْجَارِيَةَ بِاسْمِهَا، وَهُوَ يَعْنِي بِذَلِكَ امْرَأَتَهُ الْحُرَّةَ أَوْ أُخْتَهُ أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ نِسَائِهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ الَّذِي يَظُنُّ السَّامِعُ غَيْرَ الَّذِي نَوَاهُ فِي نَفْسِهِ، إِذْ كَانَ كَلَامًا يَتَوَجَّهُ لِوُجُوهٍ، وَيَحْتَمِلُ مَعَانِيَ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ لِامْرَأَةِ ابْنِ عَزْرَةَ: فَلْتَكْذِبْ إِحْدَاكُنَّ وَلْتُجْمِلْ، فَإِنَّهُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ الَّذِي ذَكَرْتُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ مِنَ الْمَعَارِيضِ الَّتِي كَانَ يُرَخَّصُ فِيهَا. فَأَمَّا صَرِيحُ الْكَذِبِ، فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ فِي شَيْءٍ , كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: لَا يَصْلُحُ الْكَذِبُ فِي جِدٍّ وَلَا هَزْلٍ، لِلْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا مَضَى بِتَحْرِيمِهِ الْكَذِبَ. وَأَمَّا قَوْلُ حُذَيْفَةَ إِذْ قَالَ لَهُ عُثْمَانُ: إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ كَذَا وَكَذَا وَحَلِفُهُ أَنَّهُ مَا قَالَهُ، وَقَوْلُ الْأَحْنَفِ لِلَّذِي قَالَ لَهُ: لَأُخْبِرَنَّ مُسَيْلِمَةَ بِمَا قُلْتَ: لَئِنْ أَخْبَرْتَهُ لَأُخْبِرَنَّهُ أَنَّكَ قُلْتَهُ ثُمَّ أُلَاعِنُكَ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ مَعَانِي الْكَذِبِ الَّتِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَذِنَ فِيهَا خَارِجٌ " وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ -[150]- جِنْسِ إِحْيَاءِ الرَّجُلِ نَفْسَهُ عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَيْهَا بِبَعْضِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ، كَالَّذِي يُضْطَرُّ إِلَى الْمَيْتَةِ، أَوِ الدَّمِ الْمَسْفُوحِ، أَوْ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ، فَيَأْكُلُ ذَلِكَ لِيُحْيِي بِهِ نَفْسَهُ. فَكَذَلِكَ الْخَائِفُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ لِصٍّ , أَوْ غَيْرِهِمَا، إِذَا خَافَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُهْلِكَهَا، أَوْ بَعْضِ حُرَمِهِ أَنْ يَنْتَهِكَهُ، أَوْ مَالٍ لَهُ أَنْ يَسْلُبَهُ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ قَوْلًا مِمَّا يَرْجُو بِهِ النَّجَاةَ مِنْهُ , أَوِ السَّلَامَةَ، فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُبْطِلًا فِي الَّذِي قَالَ مِنْ ذَلِكَ. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ أَبَاحَ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ لِخَلْقِهِ مَا مَنَعَ فِي غَيْرِهَا، وَوَضَعَ عَنْهُمُ الْحَرَجَ فِي ذَلِكَ، فَغَيْرُ آثِمٍ مَنْ كَذِبَ فِي تِلْكَ الْحَالِ لِيُنْقِذَ نَفْسَهُ مِنْ هَلَكَةٍ قَدْ أَشْفَتْ عَلَيْهَا , كَمَا غَيْرُ آثِمٍ مَنْ خَافَ عَلَيْهَا عَطَبًا لِجُوعٍ، أَوْ عَطَشٍ قَدْ نَزَلَ بِهِ، بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ غَائِلَةِ ذَلِكَ إِلَّا بِبَعْضِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مِنْ أَكَلِ مَيْتَةٍ، أَوْ لَحْمِ خِنْزِيرٍ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ. وَسَوَاءٌ هُمَا، لِمَنْ جَعَلْتَ لَهُ دَفْعَ الْمَكْرُوهِ عَنْ نَفْسِهِ بِالْكَذِبِ فِي الْحَالِ الَّتِي جَعَلْتَ ذَلِكَ لَهُ حَلَفَ مَعَ كَذِبِهِ أَوْ لَمْ يَحْلِفْ، فِي أَنَّهُ لَا حَرَجُ عَلَيْهِ وَلَا إِثْمَ "

اسم الکتاب : تهذيب الآثار مسند علي المؤلف : الطبري، أبو جعفر    الجزء : 3  صفحة : 147
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست