responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار المؤلف : فيصل المبارك    الجزء : 1  صفحة : 409
قَوْلُهُ: (وَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ) . قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى إبَاحَة الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ، لِأَنَّ بَيْن الْمَدِينَة وَذِي الْحُلَيْفَةِ سِتَّة أَمْيَال. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَا الْحُلَيْفَةِ لَمْ تَكُنْ مُنْتَهَى السَّفَر، وَإِنَّمَا خَرَجَ إلَيْهَا حَيْثُ كَانَ قَاصِدَا إلَى مَكَّةَ وَاتَّفَقَ نُزُوله بِهَا وَكَانَتْ أَوَّل صَلَاة حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْر فَقَصَرَهَا وَاسْتَمَرَّ يَقْصُر إلَى أَنْ يَرْجَعَ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الْخِلَاف الطَّوِيل بَيْن عُلَمَاء الْإِسْلَام فِي مِقْدَار الْمَسَافَةِ الَّتِي يَقْصُرُ فِيهَا الصَّلَاةَ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِر وَغَيْره فِيهَا نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ قَوْلَا، أَقَلّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ: يَوْم وَلَيْلَة، وَأَكْثَره: مَا دَامَ غَائِبَا عَنْ بَلَده. وَقِيلَ: أَقَلّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ الْمِيل كَمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ. وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ، وَاحْتُجَّ لَهُ بِإِطْلَاقِ السَّفَر فِي كِتَابِ اللَّه تَعَالَى، وَفِي سُنَّة رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -. وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ حَدِيثِ أَنَسٍ الظَّاهِرِيَّةُ فَذَهَبُوا إلَى أَنَّ أَقَلّ مَسَافَةِ الْقَصْرِ ثَلَاثَة أَمْيَال. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ أَصَحّ حَدِيثٍ وَرَدَ فِي ذَلِكَ وَأَصْرَحه، وَقَدْ حَمَلَهُ مَنْ خَالَفَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد الْمَسَافَة الَّتِي يُبْتَدَأُ مِنْهَا الْقَصْر لَا غَايَة السَّفَر. قَالَ: وَلَا يَخْفَى بَعَدَ هَذَا الْحَمْل. وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَفُقَهَاءُ أَصْحَاب الْحَدِيثِ وَغَيْرهمْ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوز إلَّا فِي مَسِيرَة مَرْحَلَتَيْنِ وَهُمَا ثَمَانِيَة وَأَرْبَعُونَ مِيلًا هَاشِمِيَّة كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَدْ أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ اخْتِيَاره أَنَّ أَقَلّ مَسَافَة الْقَصْر يَوْم وَلَيْلَة. قَالَ الشَّارِحُ: وَأَمَّا حَدِيث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَا أَهْلَ مَكَّةَ لَا تَقْصُرُوا فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْ مَكَّةَ إلَى عُسْفَانَ» . فَلَيْسَ مِمَّا تَقُوم بِهِ حُجَّة، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوف عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ.

إذَا تَقَرَّرَ لَك هَذَا فَالْمُتَيَقَّن هُوَ ثَلَاثَة فَرَاسِخَ، لِأَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ مُتَرَدِّد مَا بَيْنهَا وَبَيْن ثَلَاثَة أَمْيَال، وَالثَّلَاثَة الْأَمْيَال مُنْدَرِجَة فِي الثَّلَاثَة الْفَرَاسِخِ، فَيُؤْخَذ بِالْأَكْثَرِ
احْتِيَاطًا. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِر: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ لِمُرِيدِ السَّفَر أَنْ يَقْصُر إذَا خَرَجَ عَنْ جَمِيع بُيُوتِ الْقَرْيَة الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ الْبُيُوت، فَذَهَبَ الْجُمْهُور إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُفَارَقَة جَمِيع الْبُيُوت. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

قال في الاخيارات: وَيَجُوزُ قَصْرُ الصَّلاةَ فِي كُلِّ مَا سُمِّيَ سَفَرًا سَوَاء

اسم الکتاب : بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار المؤلف : فيصل المبارك    الجزء : 1  صفحة : 409
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست