responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 40  صفحة : 217
الْمَوْتِ كَالصَّلاَةِ، وَهَذَا لأَِنَّ الْمَعْنَى فِي الْعِبَادَةِ كَوْنُهَا شَاقَّةً عَلَى بَدَنِهِ، وَلاَ يَحْصُل ذَلِكَ بِأَدَاءِ نَائِبِهِ عَنْهُ، وَلَكِنْ يُطْعِمُ عَنْهُ لِكُل يَوْمٍ مِسْكِينًا، لأَِنَّهُ وَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ أَدَاءِ الصَّوْمِ فِي حَقِّهِ، فَتَقُومُ الْفِدْيَةُ مَقَامَهُ، كَمَا فِي حَقِّ الشَّيْخِ الْفَانِي [1] وَقَالُوا كَذَلِكَ: إِنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ، وَكُل مَا كَانَ كَذَلِكَ فَلاَ بُدَّ فِيهِ مِنْ الاِخْتِيَارِ، وَذَلِكَ فِي الإِْيصَاءِ دُونَ الْوِرَاثَةِ، لأَِنَّهَا جَبْرِيَّةٌ، ثُمَّ هُوَ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً، لأَِنَّ الصَّوْمَ فِعْلٌ مُكَلَّفٌ بِهِ، وَقَدْ سَقَطَتِ الأَْفْعَال بِالْمَوْتِ، فَصَارَ الصَّوْمُ كَأَنَّهُ سَقَطَ فِي حَقِّ الدُّنْيَا، فَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِأَدَاءِ الْفِدْيَةِ تَبَرُّعًا (2)
الْمَذْهَبُ الثَّانِي: يَرَى مَنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ مَنْذُورٌ، فَإِنَّ وَلِيَّهُ يَصُومُهُ عَنْهُ، سَوَاءٌ أَوْصَى بِهِ أَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ، رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَهُوَ قَوْل اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَطَاوُسٍ، وَقَتَادَةَ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ فِي مَذْهَبِهِ الْقَدِيمِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ بِصِحَّتِهِ، وَتَابَعَهُ فِي الْقَوْل بِصِحَّتِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، إِلاَّ أَنَّ

[1] الْمَبْسُوطِ 3 / 89، وَالْفُرُوقِ 3 / 187، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ [1] / 439، وَالْمُغْنِي 3 / 143، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ 2 / 334، وَالْمُنْتَقَى 2 / 63.
(2) الْعِنَايَةُ 2 / 84.
النَّوَوِيَّ قَال: إِنَّمَا يُصَامُ عَنِ النَّاذِرِ إِذَا مَاتَ بَعْدَ أَنْ تَمَكَّنَ مِنَ الصِّيَامِ وَلَمْ يَصُمْ، فَأَمَّا إِذَا مَاتَ قَبْل إِمْكَانِ الصِّيَامِ فَلاَ يُصَامُ وَلاَ يُطْعَمُ عَنْهُ، وَقَال: مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْوَارِثَ لاَ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ النَّذْرِ الْوَاجِبِ عَلَى الْمَيِّتِ إِذَا كَانَ غَيْرَ مَالِيٍّ، أَوْ كَانَ مَالِيًّا وَلَمْ يَتْرُكِ الْمَيِّتُ مَالاً يُقْضَى مِنْهُ النَّذْرُ، إِلاَّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْوَارِثِ قَضَاؤُهُ عَنْهُ.
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ، وَيَرَوْنَ أَنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَصُومَ عَنِ الْمَيِّتِ إِنْ لَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً، إِلاَّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيل الصِّلَةِ لَهُ وَالْمَعْرُوفِ لِتَفْرَغَ ذِمَّتُهُ مِنْهُ، وَالأَْوْلَى - كَمَا قَال ابْنُ قُدَامَةَ - أَنْ يَقْضِيَ النَّذْرَ عَنْهُ وَارِثُهُ، فَإِنْ قَضَاهُ عَنْهُ غَيْرُهُ أَجْزَأَ عَنْهُ، كَمَا لَوْ قَضَى عَنْهُ دَيْنَهُ، فَإِنْ خَلَّفَ تَرِكَةً وَجَبَ صِيَامُ النَّذْرِ عَنْهُ، كَقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَصُومَ عَنِ الْمَيِّتِ بِنَفْسِهِ، لأَِنَّهُ أَحْوَطُ لِبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَل وَجَبَ أَنْ يَدْفَعَ مِنْ تَرِكَتِهِ إِلَى مَنْ يَصُومُ عَنْهُ عَنْ كُل يَوْمٍ طَعَامَ مِسْكِينٍ، لأَِنَّ ذَلِكَ فِدْيَةٌ، وَيُجْزِئُ صَوْمُ غَيْرِ الْوَلِيِّ سَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ الْوَلِيُّ أَمْ لَمْ يَأْذَنْ (1)

[1] الْمَجْمُوعُ 6 / 370 - 373، 8 / 497، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ 1 / 439، وَزَادُ الْمُحْتَاجِ 1 / 526، وَالْمُغْنِي 3 / 143، 9 / 30، وَكَشَّافُ الْقِنَاعِ 2 / 335، وَعُمْدَةُ الْقَارِي 11 / 59، وَشَرْحُ النَّوَوِيِّ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ 8 / 25، 11 / 97.
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 40  صفحة : 217
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست