responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 40  صفحة : 139
دَارِ الْكَرَامَةِ، وَطَبْعُهُ لاَ يُطَاوِعُهُ عَلَى تَحْصِيلِهِ، بَل يَمْنَعُهُ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَضَرَّةِ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ الْمَشَقَّةُ، وَلاَ ضَرُورَةَ فِي التَّرْكِ، فَيَحْتَاجُ إِلَى اكْتِسَابِ سَبَبٍ يُخْرِجُهُ عَنْ رُخْصَةِ التَّرْكِ، وَيُلْحِقُهُ بِالْفَرَائِضِ الْمُوَظَّفَةِ وَذَلِكَ يَحْصُل بِالنَّذْرِ لأَِنَّ الْوُجُوبَ يَحْمِلُهُ عَلَى التَّحْصِيل خَوْفًا مِنْ مَضَرَّةِ التَّرْكِ، فَيَحْصُل مَقْصُودُهُ [1] .

الاِتِّجَاهُ الثَّانِي: يَرَى أَنَّ النَّذْرَ مَكْرُوهٌ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْجُمْلَةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، عَلَى تَفْصِيلٍ عِنْدَ بَعْضِهِمْ فِي نَوْعِ النَّذْرِ الَّذِي يُوصَفُ بِذَلِكَ.
إِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي النَّذْرِ الْمُكَرَّرِ، وَهُوَ الَّذِي يَتَكَرَّرُ عَلَى النَّاذِرِ فِعْلُهُ كَصَوْمِ كُل خَمِيسٍ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لأَِنَّهُ يَتَكَرَّرُ عَلَى النَّاذِرِ فِي أَوْقَاتٍ قَدْ يَثْقُل عَلَيْهِ فِعْلُهُ فِيهَا، فَيَفْعَلُهُ بِالتَّكْلِيفِ مِنْ غَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ وَخَالِصِ نِيَّةٍ.
وَهُوَ قَوْل الْبَاجِيِّ وَابْنِ شَاسٍ فِي النَّذْرِ الْمُعَلَّقِ، لأَِنَّهُ لَمْ تَتَمَحَّضْ فِيهِ نِيَّةُ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، بَل سَلَكَ النَّاذِرُ فِيهِ سَبِيل الْمُعَاوَضَاتِ وَأَبَاحَهُ ابْنُ رُشْدٍ.
وَقَال الْقُرْطُبِيُّ الْمَالِكِيُّ: إِنَّ النَّذْرَ مُحَرَّمٌ فِي حَقِّ مَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ اعْتِقَادُ أَنَّ النَّذْرَ يُوجِبُ

[1] بَدَائِع الصَّنَائِع 6 / 2883.
حُصُول غَرَضٍ عَاجِلٍ، أَوْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَفْعَل ذَلِكَ الْغَرَضَ لأَِجْل النَّذْرِ، فَإِقْدَامُ مَنِ اعْتَقَدَ ذَلِكَ عَلَى النَّذْرِ مُحَرَّمٌ. وَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ.
وَنَقَل الْقَوْل بِكَرَاهَةِ النَّذْرِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَال الرَّمْلِيُّ مِنْ فُقَهَائِهِمْ: الأَْصَحُّ اخْتِصَاصُ الْكَرَاهَةِ بِنَذْرِ اللَّجَاجِ [1] لأَِنَّهُ لاَ يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيل، بِخِلاَفِ نَذْرِ التَّبَرُّرِ فَهُوَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، لأَِنَّهُ قُرْبَةٌ وَوَسِيلَةٌ إِلَى طَاعَةٍ، وَالْوَسَائِل تَأْخُذُ حُكْمَ الْغَايَاتِ، وَلأَِنَّ النَّاذِرَ يُثَابُ عَلَى نَذْرِهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ.
وَالصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ النَّذْرَ مَكْرُوهٌ. قَال الْبُهُوتِيُّ: النَّذْرُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ مَكْرُوهٌ وَلَوْ عِبَادَةً. وَقَال ابْنُ حَامِدٍ: الْمَذْهَبُ أَنَّهُ مُبَاحٌ [2] .

[1] نَذْر اللَّجَاجِ هُوَ: أَنْ يَمْنَعَ النَّاذِر نَفْسه مِنْ فِعْلٍ أَوْ يَحُثَّهَا عَلَيْهِ بِتَعْلِيقِ الْتِزَامِ قُرْبَة بِالْفِعْل أَوِ التَّرْكِ، وَيُقَال فِيهِ: يَمِين اللَّجَاج وَالْغَضَب، وَيَمِين الْغَلْق، وَنَذَرَ الْغَلْق (رَوْضَة الطَّال وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ 8 / 219) .
[2] الْمُقْدِمَات الْمُمَهِّدَات 1 / 404 - 405، وَمَوَاهِب الْجَلِيل وَالتَّاج وَالإِْكْلِيل 3 / 319 - 320، وَشَرْح الزُّرْقَانِيّ عَلَى مُخْتَصَر خَلِيل 3 / 93 - 94، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ 8 / 218، وَزَاد الْمُحْتَاجِ 4 / 490 - 491، وَالْمُغْنِي 9 / 1 وَكَشَّاف الْقِنَاع 6 / 273، وَالإِْنْصَاف 11 / 117.
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 40  صفحة : 139
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست