responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 33  صفحة : 55
إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرْسِلْهُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ. ثُمَّ قَال: اقْرَأْ يَا عُمَرُ، فَقَرَأْتُ الْقِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِي، فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِل عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ. (1)
قَال النَّوَوِيُّ: فَلَوْ جَازَتِ التَّرْجَمَةُ لأََنْكَرَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتِرَاضَهُ فِي شَيْءٍ جَائِزٍ.
وَلأَِنَّ تَرْجَمَةَ الْقُرْآنِ لَيْسَتْ قُرْآنًا؛ لأَِنَّ الْقُرْآنَ هُوَ هَذَا النَّظْمُ الْمُعْجِزُ، وَبِالتَّرْجَمَةِ يَزُول الإِْعْجَازُ فَلَمْ تَجُزْ، وَكَمَا أَنَّ الشِّعْرَ يُخْرِجُهُ تَرْجَمَتُهُ عَنْ كَوْنِهِ شِعْرًا فَكَذَا الْقُرْآنُ إِضَافَةً إِلَى أَنَّ الصَّلاَةَ مَبْنَاهَا عَلَى التَّعَبُّدِ وَالاِتِّبَاعِ وَالنَّهْيِ عَنِ الاِخْتِرَاعِ، وَطَرِيقُ الْقِيَاسِ مَفْسَدَةٌ فِيهَا [2] .
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى جَوَازِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلاَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ وَبِأَيِّ لِسَانٍ آخَرَ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَْوَّلِينَ} [3] ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا بِهَذَا النَّظْمِ، وقَوْله تَعَالَى: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُْولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ

(1) حديث عمر بن الخطاب: " سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان. . . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 9 / 23) .
[2] المجموع شرح المهذب للنووي [3] / 379 - 381، وكشاف القناع [1] / 340.
[3] سورة الشعراء / 196.
وَمُوسَى} [1] ، فَصُحُفُ إِبْرَاهِيمَ كَانَتْ بِالسُّرْيَانِيَّةِ، وَصُحُفُ مُوسَى بِالْعِبْرَانِيَّةِ فَدَل عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ قُرْآنًا؛ لأَِنَّ الْقُرْآنَ هُوَ النَّظْمُ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا حَيْثُ وَقَعَ الإِْعْجَازُ بِهِمَا، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَجْعَل النَّظْمَ رُكْنًا لاَزِمًا فِي حَقِّ جَوَازِ الصَّلاَةِ خَاصَّةً رُخْصَةً؛ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ بِحَالَةِ الإِْعْجَازِ، وَقَدْ جَاءَ التَّخْفِيفُ فِي حَقِّ التِّلاَوَةِ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِل عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَكَذَا هُنَا.
وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ إِذَا كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ؛ لأَِنَّ الْقُرْآنَ اسْمٌ لِمَنْظُومٍ عَرَبِيٍّ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [2] ، وَقَال تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [3] ، وَالْمُرَادُ نَظْمُهُ، وَلأَِنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، وَهُوَ اسْمٌ لِلْمُنَزَّل بِاللَّفْظِ الْعَرَبِيِّ الْمَنْظُومِ هَذَا النَّظْمَ الْخَاصَّ الْمَكْتُوبِ فِي الْمَصَاحِفِ الْمَنْقُول إِلَيْنَا نَقْلاً مُتَوَاتِرًا، وَالأَْعْجَمِيُّ إِنَّمَا يُسَمَّى قُرْآنًا مَجَازًا وَلِذَا يَصِحُّ نَفْيُ اسْمِ الْقُرْآنِ عَنْهُ.
وَالْفَتْوَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى قَوْل الصَّاحِبَيْنِ، وَيُرْوَى رُجُوعُ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى قَوْلِهِمَا.

[1] سورة الأعلى / 19.
[2] سورة الزخرف / 3.
[3] سورة يوسف / 2.
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 33  صفحة : 55
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست