responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 33  صفحة : 332
النَّظَرِ وَتَعَارُضِ الأَْدِلَّةِ فِي حُكْمٍ، يُنْدَبُ لِلْقَاضِي أَنْ يُشَاوِرَ الْفُقَهَاءَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَْمْرِ} [1] ، قَال الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَغْنِيًا عَنْهَا، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ تَصِيرَ سُنَّةً لِلْحُكَّامِ، وَرُوِيَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ مُشَاوَرَةً لأَِصْحَابِهِ مِنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [2] ، وَقَدْ شَاوَرَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّاسَ فِي مِيرَاثِ الْجَدَّةِ، وَشَاوَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ، وَشَاوَرَ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي حَدِّ الْخَمْرِ، وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَكُونُ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ، مِنْهُمْ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، إِذَا نَزَل بِهِ الأَْمْرُ شَاوَرَهُمْ فِيهِ، وَنَقَل ابْنُ قُدَامَةَ أَنَّهُ لاَ مُخَالِفَ فِي اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ مَعْلُومًا بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ لَمْ يَحْتَجِ الْقَاضِي إِلَى رَأْيِ غَيْرِهِ.
قَال الْقَاضِي حُسَيْنٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِذَا أَشْكَل الْحُكْمُ فَالْمُشَاوَرَةُ وَاجِبَةٌ وَإِلاَّ فَمُسْتَحَبَّةٌ.
وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُشَاوِرَهُمْ بِحَضْرَةِ النَّاسِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ يَذْهَبُ بِمَهَابَةِ الْمَجْلِسِ وَالنَّاسُ

[1] سورة آل عمران / 159.
[2] حديث: " ما رأيت أحدًا أكثر مشاورة. . " أخرجه ابن حبان من قول الزهري وهو منقطع. (الإحسان11 / 217) .
يَتَّهِمُونَهُ بِالْجَهْل، وَلَكِنْ يُقِيمُ النَّاسَ عَنِ الْمَجْلِسِ ثُمَّ يُشَاوِرُهُمْ، وَإِذَا كَانَ الْقَاضِي يَدْخُلُهُ حَصْرٌ بِإِجْلاَسِهِمْ عِنْدَهُ وَيُعْجِزُهُ الْكَلاَمُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَلاَ يُجْلِسُهُمْ، بَل يَبْعَثُ إِلَيْهِمْ وَيَسْأَلُهُمْ إِذَا أَشْكَل عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ [1] .
وَالأَْمْرُ الَّذِي يُؤْمَرُ بِالْمُشَاوَرَةِ فِيهِ هُوَ النَّوَازِل الْحَادِثَةُ الَّتِي لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهَا قَوْلٌ لِمَتْبُوعٍ، أَوْ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ مِنْ مَسَائِل الاِجْتِهَادِ، لِيَتَنَبَّهَ بِمُذَاكَرَتِهِمْ وَمُنَاظَرَتِهِمْ عَلَى مَا يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ، حَتَّى يَسْتَوْضِحَ بِهِمْ طَرِيقَ الاِجْتِهَادِ، فَيَحْكُمَ بِاجْتِهَادِهِ دُونَ اجْتِهَادِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يُشَاوِرْ وَحَكَمَ نَفَذَ حُكْمُهُ إِذَا لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ نَصًّا أَوْ إِجْمَاعًا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا غَيْرَ مُحْتَمَلٍ.
وَيُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُشَاوِرُهُ الْقَاضِي: أَنْ يَكُونَ أَمِينًا عَالِمًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالآْثَارِ وَأَقَاوِيل النَّاسِ وَالْقِيَاسِ وَلِسَانِ الْعَرَبِ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الإِْمَامُ الشَّافِعِيُّ.
وَعَلَى هَذَا فَكُل مَنْ صَحَّ أَنْ يُفْتِيَ فِي الشَّرْعِ جَازَ أَنْ يُشَاوِرَهُ الْقَاضِي فِي الأَْحْكَامِ،

[1] مغني المحتاج 4 / 391، وتبصرة الحكام 1 / 37، 38، وبدائع الصنائع 7 / 11، 12، وشرح منتهى الإرادات 3 / 470، والشرح الصغير 4 / 195، والمغني لابن قدامة 9 / 51، وروضة القضاة للسمناني 1 / 107، والمبسوط 16 / 79.
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 33  صفحة : 332
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست