responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 244
بِحُكْمِ الْحَادِثَةِ. وَعِلْمُهُ الْحَاصِل بِالْمُعَايَنَةِ أَقْوَى مِنْ عِلْمِهِ الْحَاصِل بِالشَّهَادَةِ؛ لأَِنَّ الْعِلْمَ الْحَاصِل بِالشَّهَادَةِ عِلْمُ غَالِبِ الرَّأْيِ وَأَكْبَرِ الظَّنِّ، وَالْحَاصِل بِالْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ عَلَى الْقَطْعِ وَالْيَقِينِ، فَهُوَ أَقْوَى، فَكَانَ الْقَضَاءُ بِهِ أَوْلَى.
وَمَذْهَبُ الإِْمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي فِي حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ أَنْ يَقْضِيَ بِعِلْمِهِ الَّذِي اسْتَفَادَهُ فِي زَمَنِ الْقَضَاءِ وَفِي مَكَانِهِ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ الْقَضَاءُ بِعِلْمِهِ الَّذِي اسْتَفَادَهُ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْقَضَاءِ، وَفِي غَيْرِ مَكَانِهِ، أَوْ فِي زَمَنِ الْقَضَاءِ فِي غَيْرِ مَكَانِهِ. وَعَلَّل ذَلِكَ بِأَنَّ هُنَاكَ فَرْقًا بَيْنَ الْعِلْمَيْنِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ الَّذِي اسْتَفَادَهُ فِي زَمَنِ الْقَضَاءِ وَمَكَانِهِ عِلْمٌ فِي وَقْتٍ هُوَ مُكَلَّفٌ فِيهِ بِالْقَضَاءِ، فَأَشْبَهَ الْبَيِّنَةَ الْقَائِمَةَ فِيهِ، وَالْعِلْمُ الَّذِي اسْتَفَادَهُ قَبْل زَمَنِ الْقَضَاءِ هُوَ فِي وَقْتٍ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فِيهِ بِالْقَضَاءِ، فَأَشْبَهَ الْبَيِّنَةَ الْقَائِمَةَ فِيهِ.
وَقَال الْمُخَالِفُونَ: إِنَّ الْعِلْمَ فِي الْحَالَيْنِ سَوَاءٌ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ حُكْمِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ فِي زَمَانِنَا لِفَسَادِ قُضَاتِهِ. وَمَا قَالَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ جَوَازِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ هُوَ بِخِلاَفِ الْمُفْتَى بِهِ وَذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى جَوَازِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ الَّذِي يَحْصُل بَيْنَ يَدَيْهِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، كَالإِْقْرَارِ. وَلَكِنَّ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ حُكْمًا بِعِلْمِ الْقَاضِي، وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الإِْقْرَارِ. (1)

الْقَضَاءُ بِالْقَرِينَةِ الْقَاطِعَةِ:
31 - الْقَرِينَةُ لُغَةً: الْعَلاَمَةُ، وَالْمُرَادُ بِالْقَرِينَةِ

(1) البدائع 7 / 7، وابن عابدين 4 / 345 ط بولاق الأولى والخرشي 5 / 164 - 169 ط الشرفية وتبصرة الحكام [1] / 167 ط الحلبي ونهاية المحتاج 8 / 246 وما بعدها ط الإسلامية والمغني 11 / 400 وما بعدها المنار.
الْقَاطِعَةِ فِي الاِصْطِلاَحِ مَا يَدُل عَلَى مَا يُطْلَبُ الْحُكْمُ بِهِ دَلاَلَةً وَاضِحَةً بِحَيْثُ تُصَيِّرُهُ فِي حَيِّزِ الْمَقْطُوعِ بِهِ، كَمَا لَوْ ظَهَرَ إِنْسَانٌ مِنْ دَارٍ، وَمَعَهُ سِكِّينٌ فِي يَدَيْهِ، وَهُوَ مُتَلَوِّثٌ بِالدِّمَاءِ، سَرِيعُ الْحَرَكَةِ، عَلَيْهِ أَثَرُ الْخَوْفِ، فَدَخَل إِنْسَانٌ أَوْ جَمْعٌ مِنَ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَوَجَدُوا بِهَا شَخْصًا مَذْبُوحًا لِذَلِكَ الْحِينِ، وَهُوَ مُتَضَمِّخٌ بِدِمَائِهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ غَيْرُ ذَلِكَ الرَّجُل الَّذِي وُجِدَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الدَّارِ، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِ، إِذْ لاَ يَشُكُّ أَحَدٌ فِي أَنَّهُ قَاتِلُهُ وَاحْتِمَال أَنَّهُ ذَبَحَ نَفْسَهُ، أَوْ أَنَّ غَيْرَ ذَلِكَ الرَّجُل قَتَلَهُ ثُمَّ تَسَوَّرَ الْحَائِطَ وَهَرَبَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَهُوَ احْتِمَالٌ بَعِيدٌ لاَ يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ دَلِيلٍ. (1)
وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ فِي بِنَاءِ الْحُكْمِ عَلَى الْقَرِينَةِ الْقَاطِعَةِ، مُسْتَدِلِّينَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَعَمَل الصَّحَابَةِ:
فَأَمَّا الْكِتَابُ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} [2] فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ لَمَّا أَتَوْا بِقَمِيصِهِ إِلَى أَبِيهِمْ تَأَمَّلَهُ، فَلَمْ يَرَ خَرْقًا وَلاَ أَثَرَ نَابٍ، فَاسْتَدَل بِهِ عَلَى كَذِبِهِمْ.
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا وَقَعَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ لاِبْنَيْ عَفْرَاءَ، لَمَّا تَدَاعَيَا قَتْل أَبِي جَهْلٍ [3] . فَقَال لَهُمَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَل مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟ فَقَالاَ: لاَ. فَقَال: أَرِيَانِي سَيْفَيْكُمَا، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمَا قَال: هَذَا قَتَلَهُ، وَقَضَى لَهُ بِسَلَبِهِ. فَاعْتَمَدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[1] البحرالرائق 7 / 224 ط العلمية.
[2] سورة يوسف / 18.
[3] حديث " ابني عفراء لما تداعيا قتل أبي جهل. . .) رواه البخاري ومسلم وأحمد (مسند أحمد بتحقيق أحمد شاكر 3 / 1672) .
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست