responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 233
بِدَعْوَاهُمْ لاَدَّعَى أُنَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، لَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي. (1)
وَلأَِنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي أَمْرًا خَفِيًّا، فَيَحْتَاجُ إِلَى إِظْهَارٍ، وَلِلْبَيِّنَةِ قُوَّةُ إِظْهَارٍ؛ لأَِنَّهَا كَلاَمُ مَنْ لَيْسَ بِخَصْمٍ، وَهُمُ الشُّهُودُ، فَجُعِلَتْ حُجَّةً لِلْمُدَّعِي. وَالْيَمِينُ وَإِنْ كَانَتْ مُؤَكَّدَةً بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، لَكِنَّهَا كَلاَمُ الْخَصْمِ، فَلاَ تَصْلُحُ حُجَّةً مُظْهِرَةً لِلْحَقِّ، وَتَصْلُحُ حُجَّةً لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ مُتَمَسِّكٌ بِالظَّاهِرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْيَدِ، فَحَاجَتُهُ إِلَى اسْتِمْرَارِ حُكْمِ الظَّاهِرِ. وَالْيَمِينُ وَإِنْ كَانَتْ كَلاَمًا فَهِيَ كَافِيَةٌ لِلاِسْتِمْرَارِ. فَكَانَ جَعْل الْبَيِّنَةِ حُجَّةَ الْمُدَّعِي، وَجَعْل الْيَمِينِ حُجَّةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَضْعَ الشَّيْءِ فِي مَوْضِعِهِ، وَهُوَ غَايَةُ الْحِكْمَةِ.
وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي (الأَْصْل) : الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ الْمُنْكِرُ، وَالآْخَرُ هُوَ الْمُدَّعِي، غَيْرَ أَنَّ التَّمْيِيزَ بَيْنَهُمَا يَحْتَاجُ إِلَى فِقْهٍ وَدِقَّةٍ، إِذْ الْعِبْرَةُ لِلْمَعْنَى دُونَ الصُّورَةِ، فَإِنَّهُ قَدْ يُوجَدُ الْكَلاَمُ مِنْ شَخْصٍ فِي صُورَةِ الْمُدَّعِي، وَهُوَ إِنْكَارٌ فِي الْمَعْنَى، كَالْوَدِيعِ إِذَا ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ، فَإِنَّهُ مُدَّعٍ لِلرَّدِّ صُورَةً، وَهُوَ مُنْكِرٌ لِوُجُوبِ الرَّدِّ مَعْنًى. وَالْقَاعِدَةُ الْمَذْكُورَةُ إِنَّمَا هِيَ فِي الْمُتَخَاصِمَيْنِ يَكُونُ أَحَدُهُمَا مُدَّعِيًا مَعْنًى وَحَقِيقَةً. فَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ

(1) حديث: " لو أعطي الناس بدعواهم. . . " أخرجه البيهقي في سننه عن ابن عباس بلفظ " لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر " والحديث في الصحيحين بلفظ " لكن اليمين على المدعى عليه " أخرجاه عن ابن أبي مليك
عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (1)
هَل يَتَوَقَّفُ الْقَضَاءُ بِالإِْثْبَاتِ عَلَى الطَّلَبِ؟
4 - يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ وَاعْتِبَارِهِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ، الدَّعْوَى الصَّحِيحَةُ، وَأَنَّهُ لاَ بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنَ الْخُصُومَةِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَإِذَا صَحَّتِ الدَّعْوَى سَأَل الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْهَا. فَإِنْ أَقَرَّ فَبِهَا، وَإِنْ أَنْكَرَ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي، قُضِيَ عَلَيْهِ بِلاَ طَلَبِ الْمُدَّعِي عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّ مُقْتَضَى الْحَال يَدُل عَلَى إِرَادَتِهِ ذَلِكَ. وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْقَاضِيَ لاَ يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلاَّ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي؛ لأَِنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقٌّ لِلْمُدَّعِي، فَلاَ يَسْتَوْفِيهِ إِلاَّ بِطَلَبِهِ. (2)
طُرُقُ إِثْبَاتِ الدَّعْوَى:
5 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الإِْقْرَارَ وَالشَّهَادَةَ وَالْيَمِينَ وَالنُّكُول وَالْقَسَامَةَ - عَلَى تَفْصِيلٍ فِي الْكَيْفِيَّةِ أَوِ الأَْثَرِ - حُجَجٌ شَرْعِيَّةٌ يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ، وَيُعَوِّل عَلَيْهَا فِي حُكْمِهِ. (3)

(1) الاختيار للموصلي 2 / 109، ومغني المحتاج، 4 / 461، والمغني مع الشرح الكبير 11 / 451 وحاشية الدسوقي 4 / 146.
(2) شرح الدر 4 / 423، وتبصرة الحكام 1 / 39 و85 ط الحلبي الأخيرة، والشرح الكبير 4 / 148 ط الحلبي، والمغني 11 / 450، 451، والشرح الكبير 4 / 422، والبجيرمي 4 / 334، 347.
(3) بداية المجتهد 2 / 501، وحاشية ابن عابدين 4 / 462، 653، ونهاية المحتاج 8 / 314، والروض الندي 521 وما بعدها، ط السلفية.
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست