responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 224
فَنَفَّرَهُمَا فَذَهَبَا، فَالضَّمَانُ عَلَى مُنَفِّرِهِمَا؛ لأَِنَّ سَبَبَهُ أَخَصُّ، فَاخْتَصَّ بِهِ الضَّمَانُ، كَالدَّافِعِ شَخْصًا إِلَى بِئْرٍ مَعَ الْحَافِرِ لِلْبِئْرِ، فَالإِْتْلاَفُ يُنْسَبُ لِلدَّافِعِ [1] .
قَال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ: لاَ يَضْمَنُ مَنْ حَل رِبَاطَ الْفَرَسِ، أَوْ فَتَحَ قَفَصَ الطَّائِرِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ أَهَاجَهُمَا حَتَّى ذَهَبَا؛ لأَِنَّ مُجَرَّدَ الْفَتْحِ لَيْسَ بِإِتْلاَفٍ مُبَاشَرَةً وَلاَ تَسَبُّبًا مُلْجِئًا؛ لأَِنَّ الطَّيْرَ مُخْتَارٌ فِي الطَّيَرَانِ فَكَانَ الطَّيَرَانُ مُضَافًا إِلَى اخْتِيَارِهِ وَالْفَتْحُ سَبَبًا غَيْرَ مُلْجِئٍ فَلاَ حُكْمَ لَهُ. بِخِلاَفِ شَقِّ الزِّقِّ؛ لأَِنَّ الْمَائِعَ سَيَّالٌ بِطَبْعِهِ بِحَيْثُ لاَ يُوجَدُ مِنْهُ الاِسْتِمْسَاكُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَانِعِ إِلاَّ عَلَى نَقْضِ الْعَادَةِ، فَكَانَ الْفَتْحُ تَسَبُّبًا لِلتَّلَفِ، فَيَجِبُ الضَّمَانُ. وَكَذَا إِذَا حَل رِبَاطَ الدَّابَّةِ، أَوْ فَتَحَ بَابَ الإِْصْطَبْل [2] .
وَقَدْ ذَكَرْتُ هَذِهِ الأَْمْثِلَةَ لِتَكُونَ دَلاَلَةً عَلَى اتِّجَاهَاتِ الْفُقَهَاءِ فِي تَطْبِيقِ مَبْدَإِ التَّسَبُّبِ. وَأَطَال الْفُقَهَاءُ فِي التَّفْرِيعِ وَذِكْرِ الصُّوَرِ فِي بَابَيِ الْغَصْبِ وَالضَّمَانِ.

مَا تُتْلِفُهُ الدَّوَابُّ:
29 - إِذَا أَتْلَفَتِ الدَّابَّةُ زَرْعًا لِلْغَيْرِ، وَكَانَ ذَلِكَ لَيْلاً، ضَمِنَ صَاحِبُهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ لأَِنَّ فِعْلَهَا مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ، وَعَلَيْهِ تَعَهُّدُهَا وَحِفْظُهَا، وَلأَِنَّ نَفْعَ أَكْلِهَا مِنَ

[1] لبدائع 7 / 165، 166، 168، وحاشية ابن عابدين 3 / 44 ط بولاق 1299، والشرح الصغير3 / 587، [1] / 341، والمغني والشرح الكبير 5 / 444، 450، والقواعد لابن رجب ص 204 القاعدة 89
[2] البدائع 7 / 166، والمهذب [1] / 374، 375، وحاشية القليوبي على منهاج الطالبين 4 / 145
الزَّرْعِ عَائِدٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لاَ يَضْمَنُ. لِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ [1] وَلأَِنَّهَا أَفْسَدَتْ وَلَيْسَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا فَلَمْ يَلْزَمْهُ الضَّمَانُ، كَمَا لَوْ كَانَ الإِْتْلاَفُ نَهَارًا، أَوْ أَتْلَفَتْ غَيْرَ الزَّرْعِ. وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِمَا رَوَى مَالِكٌ أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ دَخَلَتْ حَائِطَ قَوْمٍ فَأَفْسَدَتْ، فَقَضَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَلَى أَهْل الأَْمْوَال حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ، وَمَا أَفْسَدَتْهُ بِاللَّيْل فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِمْ [2] ، وَلأَِنَّ الْعَادَةَ مِنْ أَهْل الْمَوَاشِي إِرْسَالُهَا فِي النَّهَارِ لِلرَّعْيِ وَحِفْظُهَا لَيْلاً، وَعَادَةُ أَهْل الْحَوَائِطِ (الْبَسَاتِينِ) وَالزُّرُوعِ حِفْظُهَا نَهَارًا دُونَ اللَّيْل، فَإِذَا ذَهَبَتْ لَيْلاً كَانَ التَّفْرِيطُ مِنْ أَهْلِهَا بِتَرْكِهِمْ حِفْظَهَا فِي وَقْتِ عَادَةِ الْحِفْظِ.
30 - أَمَّا إِذَا أَتْلَفَتِ الزَّرْعَ نَهَارًا، وَكَانَتْ وَحْدَهَا، فَلاَ ضَمَانَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، إِذْ الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ حِفْظُ الزَّرْعِ نَهَارًا، فَكَانَ التَّفْرِيطُ مِنْ أَهْل الزَّرْعِ. وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ يَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْعَادَةِ. وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ هَذَا الْحُكْمَ بِمَا إِذَا كَانَتِ الدَّابَّةُ لَمْ تُعْرَفْ بِالاِعْتِدَاءِ، وَإِلاَّ ضَمِنَ لِعَدَمِ حِفْظِهَا بِرَبْطِهَا رَبْطًا مُحْكَمًا.
31 - وَإِذَا أَتْلَفَتِ الدَّابَّةُ شَيْئًا غَيْرَ الزَّرْعِ، وَكَانَ

[1] حديث " العجماء جرحها جبار " رواه أحمد والشيخان وأصحاب السنن عن أبي هريرة، وفيه زيادة. (فيض القدير 4 / 376)
[2] حديث: " أن ناقة للبراء دخلت. . . " رواه مالك باختلاف يسير عن ابن شهاب عن حرام بن سعد بن محيصة مرسلا، ورواه عبد الرزاق. (شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك 4 / 36، 37 ط الاستقامة بالقاهرة 1379 هـ)
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 224
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست