responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 22
التَّعْرِيفُ يُوحِي بِأَنَّ لِكُل فِعْلٍ يَصْدُرُ مِنْ الإِْنْسَانِ حُكْمًا شَرْعِيًّا، سَوَاءٌ مَا يَتَّصِل بِالْعِبَادَاتِ أَوِ الْمُعَامَلاَتِ أَوْ أَحْكَامِ الأُْسْرَةِ أَوِ الْقَضَاءِ أَوِ السِّلْمِ أَوِ الْحَرْبِ، فَكَيْفَ يُقَال: إِنَّ هَذَا الْفِقْهَ عَاجِزٌ عَنْ عِلاَجِ مَشَاكِل الْمُجْتَمَعِ الْجَدِيدِ. فَلَيْسَ الْعَيْبُ فِي الْفِقْهِ الإِْسْلاَمِيِّ، إِنَّمَا الْعَيْبُ فِي عَدَمِ تَطْبِيقِهِ.
فَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْ قَوْلِهِمْ: إِنَّ الْفِقْهَ الإِْسْلاَمِيَّ قَاصِرٌ عَنْ مُجَارَاةِ مَشَاكِل الْعَصْرِ، أَنَّهُ لاَ يَسْتَجِيبُ لِلأَْهْوَاءِ الْجَامِحَةِ، فَنَحْنُ مَعَهُمْ؛ لأَِنَّ الْفِقْهَ الإِْسْلاَمِيَّ إِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ لَهُ أَنْ يُقِيمَ بِهِ أُمَّةً تَسِيرُ عَلَى الْجَادَّةِ الْوَاضِحَةِ وَالْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لاَ أَنْ يَكُونَ مَطِيَّةً لِذَوِي الأَْهْوَاءِ، يُحِلُّونَ هَذَا الشَّيْءَ حِينًا وَيُحَرِّمُونَهُ حِينًا.
أَمَّا قَوْلُهُمْ: إِنَّ الْفِقْهَ الإِْسْلاَمِيَّ قَدْ أَصْبَحَ تَارِيخًا، فَهَذَا الْقَوْل لاَ يُعَبِّرُ بِهِ قَائِلُهُ إِلاَّ عَنْ هَوًى فِي نَفْسِهِ. وَلَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُخْلِفٌ ظَنَّهُ، فَقَدْ رَأَيْنَا الْكَثْرَةَ الْكَثِيرَةَ مِنْ الشُّعُوبِ الإِْسْلاَمِيَّةِ تُنَادِي بِوُجُوبِ الرُّجُوعِ إِلَى شَرِيعَةِ اللَّهِ الْمُتَمَثِّلَةِ فِي الْفِقْهِ الإِْسْلاَمِيِّ. وَالَّذِي سَيُصْبِحُ تَارِيخًا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - هُوَ الْفِقْهُ الْوَضْعِيُّ الَّذِي لَمْ يَطُل أَمَدُهُ فِي الْبِلاَدِ الإِْسْلاَمِيَّةِ إِلاَّ قَرْنًا أَوْ أَقَل مِنْ قَرْنٍ، وَمَعَ هَذَا فَقَدْ ضَاقَتْ بِهِ النُّفُوسُ، وَلَمْ يَبْقَ مُتَعَلِّقًا بِهِ إِلاَّ شِرْذِمَةٌ تَرَى أَنَّ حَيَاتَهَا مُرْتَبِطَةٌ بِحَيَاتِهِ، وَسَعَةَ أَرْزَاقِهَا مَنُوطَةٌ بِبَقَائِهِ. وَلَكِنَّ اللَّهَ سَيُظْهِرُ دِينَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.
12 - هُنَاكَ فَرْقٌ وَاضِحٌ بَيْنَ الْفِقْهِ الإِْسْلاَمِيِّ وَالْفِقْهِ الْوَضْعِيِّ، فَإِنَّ الْفِقْهَ الإِْسْلاَمِيَّ يَرْبِطُ دَائِمًا بَيْنَ الْجَزَاءِ الدُّنْيَوِيِّ وَالْجَزَاءِ الأُْخْرَوِيِّ. فَلَيْسَ مَعْنَى انْفِلاَتِ الشَّخْصِ مِنْ الْجَزَاءِ الدُّنْيَوِيِّ انْفِلاَتَهُ مِنْ الْجَزَاءِ الأُْخْرَوِيِّ. وَفِي كُل مَسْأَلَةٍ فِي الْفِقْهِ نَجِدُ أَنَّ الْفُقَهَاءَ تَكَلَّمُوا عَلَى الْحُكْمِ التَّكْلِيفِيِّ لِهَذَا الأَْمْرِ أَحَلاَلٌ هُوَ أَمْ حَرَامٌ؟ أَفَرْضٌ هُوَ أَمْ مَنْدُوبٌ؟ كَمَا تَكَلَّمُوا عَلَى أَحْكَامِهِ الْوَضْعِيَّةِ أَصَحِيحٌ هُوَ أَمْ غَيْرُ صَحِيحٍ؟ أَنَافِذٌ هَذَا التَّصَرُّفُ أَمْ غَيْرُ نَافِذٍ؟ وَلِذَا رَأَيْنَا الْمُتَدَيِّنِينَ لاَ يَهُمُّهُمْ أَنْ يَكْسِبُوا قَضِيَّةً أَمَامَ الْقَضَاءِ إِلاَّ إِذَا ارْتَاحَتْ ضَمَائِرُهُمْ أَنَّ هَذَا الْحَقَّ الَّذِي أَثْبَتَهُ لَهُمْ الْقَضَاءُ حَقٌّ مَشْرُوعٌ، بَيْنَمَا الْمُشْتَغِلُونَ بِالْفِقْهِ الْوَضْعِيِّ لاَ يَهُمُّهُمْ إِلاَّ الْحُكْمُ

اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 22
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست