responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 173
حِكْمَةُ تَشْرِيعِهِ:
4 - الإِْبْضَاعُ مِنْ عَادَةِ التُّجَّارِ، [1] وَالْحَاجَةُ قَدْ تَدْعُو إِلَيْهِ؛ لأَِنَّ رَبَّ الْمَال قَدْ لاَ يُحْسِنُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ، أَوْ لاَ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ إِلَى السُّوقِ، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ مَالٌ وَلاَ يُحْسِنُ التِّجَارَةَ فِيهِ، وَقَدْ يُحْسِنُ وَلاَ يَتَفَرَّغُ وَقَدْ لاَ تَلِيقُ بِهِ التِّجَارَةُ، لِكَوْنِهِ امْرَأَةً، أَوْ مِمَّنْ يَتَعَيَّرُ بِهَا، [2] فَيُوَكِّل غَيْرَهُ. وَمَا الإِْبْضَاعُ إِلاَّ تَوْكِيلٌ بِلاَ جُعْلٍ، فَهُوَ حِينَئِذٍ سَبِيلٌ لِلْمَعْرُوفِ وَتَآلُفِ الْقُلُوبِ وَتَوْثِيقِ الرَّوَابِطِ، خُصُوصًا بَيْنَ التُّجَّارِ.
وَكَمَا أَنَّ عَقْدَ الإِْبْضَاعِ سَبِيلٌ لإِِنْمَاءِ مَال رَبِّ الْمَال، فَقَدْ يَكُونُ سَبِيلاً لإِِنْمَاءِ مَال الْعَامِل الْمُتَبَرِّعِ، وَذَلِكَ إِذَا دَخَل الْعَامِل مَعَ رَبِّ الْمَال بِالنِّصْفِ مَثَلاً، كَأَنْ يُقَدِّمَ رَبُّ الْمَال أَلْفًا وَالْعَامِل أَلْفًا، وَيَكُونَ الرِّبْحُ مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا، فَالْمُشَارَكَةُ هُنَا تَزِيدُ فِي رَأْسِ الْمَال، وَبِالتَّالِي تَزِيدُ الأَْرْبَاحُ، وَفِي ذَلِكَ مَا فِيهِ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَامِل. فَيَكُونُ الْعَامِل هُنَا اسْتَخْدَمَ مَال رَبِّ الْمَال، وَهُوَ النِّصْفُ، وَرَدَّ لَهُ أَرْبَاحَهُ مُتَبَرِّعًا بِعَمَلِهِ، وَاسْتَفَادَ هُوَ مِنْ مُشَارَكَةِ مَال رَبِّ الْمَال فِي زِيَادَةِ رَأْسِ مَالِهِ، وَمِنْ ثَمَّ يَزِيدُ رِبْحُهُ.

صِيغَةُ الإِْبْضَاعِ:
5 - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اعْتِبَارِ الصِّيغَةِ، وَهِيَ الإِْيجَابُ وَالْقَبُول، رُكْنًا فِي كُل عَقْدٍ. وَتَفْصِيل الْكَلاَمِ فِي ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَيْهِ عِنْدَ الْكَلاَمِ عَلَى الْعَقْدِ.
وَأَمَّا مَا يَتَّصِل بِالإِْبْضَاعِ فَإِنَّ الصِّيغَةَ اللَّفْظِيَّةَ قَدْ تَكُونُ

[1] بدائع الصنائع 6 / 87، والمغني ومعه الشرح الكبير 5 / 131 ط الأولى، المنار.
[2] المغني والشرح الكبير 5 / 203
صَرِيحَةً بِلَفْظِ الإِْبْضَاعِ، أَوِ الْبِضَاعَةِ، وَقَدْ تَكُونُ غَيْرَ صَرِيحَةٍ، كَأَنْ يَقُول: خُذْ هَذَا الْمَال مُضَارَبَةً، عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِي. وَهَذِهِ الصُّورَةُ مَحَل خِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ [1] . فَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ لاَ يَصِحُّ، وَاعْتَبَرُوا ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّنَاقُضِ؛ لأَِنَّ قَوْلَهُ: " مُضَارَبَةً " يَقْتَضِي الشَّرِكَةَ فِي الرِّبْحِ، وَقَوْلَهُ: " الرِّبْحُ كُلُّهُ لِي " يَقْتَضِي عَدَمَهَا، فَتَنَاقَضَ قَوْلُهُ، فَفَسَدَتِ الْمُضَارَبَةُ، وَلأَِنَّهُ اشْتَرَطَ اخْتِصَاصَ أَحَدِهِمَا بِالرِّبْحِ، وَهَذَا شَرْطٌ يُنَاقِضُ الْعَقْدَ فَفَسَدَ، وَلأَِنَّ اللَّفْظَ الصَّرِيحَ فِي بَابِهِ لاَ يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ، فَالْمُضَارَبَةُ لاَ تَنْقَلِبُ إِبْضَاعًا وَلاَ قَرْضًا. وَعَلَى هَذَا اعْتَبَرُوا هَذَا الْعَقْدَ مُضَارَبَةً فَاسِدَةً. (2)
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ هَذَا إِبْضَاعٌ صَحِيحٌ، لِوُجُودِ مَعْنَى الإِْبْضَاعِ هُنَا، فَانْصَرَفَ إِلَيْهِ، كَمَا لَوْ قَال: اتَّجِرْ بِهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِي، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ لِمَعَانِيهَا.
وَالْمَالِكِيَّةُ أَجَازُوا اشْتِرَاطَ رِبْحِ الْقِرَاضِ كُلِّهِ لِرَبِّ الْمَال أَوْ لِلْعَامِل فِي مَشْهُورِ مَذْهَبِ مَالِكٍ، أَوْ لِغَيْرِهِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ لأَِنَّهُ مِنْ بَابِ التَّبَرُّعِ، لَكِنَّهُمْ لاَ يَقُولُونَ كَمَا قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ الْعَقْدَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ إِبْضَاعٌ،

[1] حاشية الرشيدي والشبراملسي على نهاية المحتاج 5 / 224، وتحفة المحتاج 6 / 89
[2] مطالب أولي النهى 3 / 518 ط المكتب الإسلامي، والإنصاف 5 / 428 ط حامد الفقي، والمقنع 2 / 172، والمغني والشرح الكبير 5 / 136، والموسوعة الفقهية، بحث المضاربة ف 4، وحاشية الرشيدي على نهاية المحتاج 5 / 224، وحاشية الشرواني على تحفة المحتاج 6 / 89، والمهذب 1 / 385
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية الكويتية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 173
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست