responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 90
تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ آلِ الزُّبَيْرِ عَلَى بَعْضِ وَلَدِهِ بِجَمِيعِ مَالِهِ إلَّا شَيْئًا يَسِيرًا فَأَمْضَى لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ الثُّلُثَ، أَوْ نَحْوَهُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا نَحُدُّ الثُّلُثَ وَلَا أَكْثَرَ وَلَا أَقَلَّ إنَّمَا هُوَ مَا أَبْقَى غِنًى.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: كُلُّ صَدَقَةٍ تَصَدَّقَ بِهَا رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ قَدْ بَلَغَ لَا بَأْسَ بِعَقْلِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ بِهِ جَائِزَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ لَهُ غِنًى فَيَتَصَدَّقُ عَلَى بَعْضِ وَرَثَتِهِ بِمَالِهِ كُلِّهِ دُونَ بَعْضٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ سَرَفًا، فَتَرُدُّ الْوُلَاةُ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِقَدْرِ رَأْيِهِمْ فِيهِ، وَيُجِيزُونَ السَّدَادَ، عَلَى هَذَا جَرَى أَمْرُ الْقُضَاةِ.
فَهَؤُلَاءِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُرْوَةُ، وَابْنُ شِهَابٍ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَالْقُضَاةُ جُمْلَةً لَا يُجِيزُونَ الصَّدَقَةَ بِجَمِيعِ الْمَالِ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَالْغِنَى هُوَ مَا يَقُومُ بِقُوتِ الْمَرْءِ وَأَهْلِهِ عَلَى الشِّبَعِ مِنْ قُوتِ مِثْلِهِ، وَبِكِسْوَتِهِمْ كَذَلِكَ وَسُكْنَاهُمْ، وَبِمِثْلِ حَالٍ مِنْ مَرْكَبٍ وَزِيٍّ فَقَطْ.
وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
فَهَذَا يَقَعُ عَلَيْهِ فِي اللُّغَةِ اسْمُ غِنًى، لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ النَّاسِ، فَمَا زَادَ فَهُوَ وَفْرٌ وَدَثْرٌ وَيَسَارٌ، وَفَضْلٌ إلَى الْإِكْثَارِ، وَمَا نَقَصَ فَلَيْسَ غِنًى، وَلَكِنَّهُ حَاجَةٌ وَعُسْرَةٌ وَضِيقَةٌ، إلَّا أَنْ يَنْزِلَ إلَى الْمَسْكَنَةِ، وَالْفَاقَةِ، وَالْفَقْرِ، وَالْإِدْقَاعِ، وَالضَّرُورَةِ - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْغِنَى وَالْمَالِ.
فَإِنْ ذَكَرَ الْمُخَالِفُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: 261]
وقَوْله تَعَالَى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9] :
وقَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلا جُهْدَهُمْ} [التوبة: 79]
وَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُ بِالصَّدَقَةِ فَيَنْطَلِقُ أَحَدُنَا فَيُحَامِلُ فَيَجِيءُ بِالْمُدِّ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 90
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست