responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 63
وَسَوَاءٌ بِإِذْنِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، أَوْ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ أَمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، سَوَاءٌ تَمَلَّكَهَا إلَى أَنْ مَاتَ، أَوْ مُدَّةً يَسِيرَةً أَوْ كَثِيرَةً - عَلَى وَلَدٍ صَغِيرٍ كَانَتْ أَوْ عَلَى كَبِيرٍ، أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ - إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّ مَا اسْتَغَلَّ مِنْهَا كَالْغَصْبِ سَوَاءٌ سَوَاءٌ فِي حَيَاتِهِ، وَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَنْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، أَوْ قَرِيبٍ صَغِيرٍ، أَوْ كَبِيرٍ - وَلَدٍ أَوْ غَيْرِهِ - فَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ هِبَةٍ، وَلَا صَدَقَةٍ، وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَدْفَعَهَا إلَى الَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ، وَلَا إلَى الَّذِي وَهَبَهَا لَهُ، فَإِنْ دَفَعَ ذَلِكَ مُخْتَارًا، فَحِينَئِذٍ تَمَّتْ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ، وَصَحَّ مِلْكُ الْمَوْهُوبِ أَوْ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ، فَلَوْ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ لَمْ يَصِحَّ لَهُ بِذَلِكَ مِلْكٌ، وَقُضِيَ عَلَيْهِ بِرَدِّهَا إلَى الْوَاهِبِ أَوْ الْمُتَصَدِّقِ إلَّا الصَّغِيرَ، فَإِنَّ أَبَاهُ أَوْ وَصِيَّهُ يَقْبِضَانِ لَهُ.
قَالَ: فَإِنْ مَاتَ الْوَاهِبُ، أَوْ الْمُتَصَدِّقُ، أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ، أَوْ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ -: بَطَلَتْ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ - وَهُوَ الْحَائِزُ لِلصَّغِيرِ الذَّكَرِ حَتَّى يَبْلُغَ، وَلِلْأُنْثَى تُنْكَحُ وَتَرْشُدُ.
فَإِنْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدٍ كَبِيرٍ، أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ -: أُجْبِرَ عَلَى دَفْعِ ذَلِكَ إلَيْهِمَا فَإِنْ قَبَضَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهُوَ قَبْضٌ صَحِيحٌ، فَإِنْ غَفَلَ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ، وَالْهِبَةُ أَوْ الصَّدَقَةُ فِي يَدِهِ وَاعْتِمَارِهِ -: بَطَلَتْ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ وَعَادَتْ مِيرَاثًا - فَإِنْ دَفَعَ الْبَعْضَ وَاعْتَمَرَ الْبَعْضَ - فَإِنْ كَانَ الَّذِي اعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ -: بَطَلَ الْجَمِيعُ - وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ فَأَقَلُّ -: صَحَّتْ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ فِي الْجَمِيعِ فِيمَا اعْتَمَرَ وَفِيمَا لَمْ يَعْتَمِرْ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْهِبَاتِ وَالْعَطَايَا وَالصَّدَقَاتِ الْمُطْلَقَةِ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي الْأَحْبَاسِ - فَقَطْ - بِالْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ أَصْحَابِنَا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: احْتَجَّ مَنْ لَمْ يُجِزْ الْهِبَةَ، وَالصَّدَقَةَ إلَّا بِالْقَبْضِ -: بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي، وَهَلْ لَكَ مِنْ مَالِكَ إلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ أَوْ أَعْطَيْتَ فَأَمْضَيْتَ.»

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 63
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست