responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 61
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا مَالِكٌ: فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُجِيزُونَ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ، وَهَؤُلَاءِ يُجِيزُونَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَمُخَالِفٌ لَهُمْ عَلَى مَا نَذْكُرُ فِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا نَحْنُ فَلَا حُجَّةَ عِنْدَنَا إلَّا فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَطْ، وَقَدْ خَالَفَ هَؤُلَاءِ ابْنُ عَبَّاسٍ كَمَا ذَكَرْنَا.
وَأَمَّا «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» فَقَدْ تَقَدَّمَ إبْطَالُنَا لِهَذَا الِاحْتِجَاجِ الْفَاسِدِ بِوُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا كَافٍ -: أَوَّلُهَا - أَنَّهُ كَلَامٌ لَمْ يَصِحَّ قَطُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا رَوَاهُ مَنْ فِيهِ خَيْرٌ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا هِيَ مِنْ رِوَايَةِ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ - وَهُوَ سَاقِطٌ مُطْرَحٌ - أَوْ مُرْسَلٌ. وَالثَّانِي -
أَنَّهُمْ لَا يُخَالِفُونَنَا فِي أَنَّ مَنْ شَرَطَ لِآخَرَ أَنْ يُغَنِّيَ لَهُ، أَوْ أَنْ يَزْفِنَ لَهُ، أَوْ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ إلَى الْبُسْتَانِ، أَوْ أَنْ يَصْبُغَ قَمِيصَ نَفْسِهِ أَحْمَرَ: أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ.
وَقَدْ أَبْطَلُوا كَثِيرًا مِنْ الْعُقُودِ بِكَثِيرٍ مِنْ الشُّرُوطِ، فَأَبْطَلُوا احْتِجَاجَهُمْ «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» فَصَحَّ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَيْسُوا عِنْدَ شُرُوطِهِمْ عَلَى الْجُمْلَةِ.
فَإِذْ لَا شَكَّ فِي ذَلِكَ وَلَا خِلَافَ، فَقَدْ أَفْصَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ «كُلَّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» ، فَصَحَّ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَشْتَرِطُوا شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَالثَّالِثُ -
أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَوْ صَحَّ لَكَانَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُضَافَ إلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ الشُّرُوطِ فَيُقَالُ: شُرُوطُ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ إلَّا فِي الشُّرُوطِ الْجَائِزَةِ، لَا فِي الشُّرُوطِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا.
وَقَدْ صَحَّ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كُلِّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَإِبْطَالِهِ إيَّاهُ إذَا وَقَعَ - فَصَحَّ أَنَّ شُرُوطَ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا هِيَ الشُّرُوطُ الْمَنْصُوصَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - الْمُفْتَرَضِ اتِّبَاعُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْلَمَ أَحَدٌ جَوَازَ شَرْطٍ إلَّا بِوُرُودِ النَّصِّ بِجَوَازِهِ، وَإِلَّا فَالنَّصُّ قَدْ وَرَدَ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 61
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست