responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 520
بِأَيْمَانِهِمَا، وَلَا اخْتَلَفُوا فِي أَخَوَيْنِ سَاكِنَيْنِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، أَحَدُهُمَا: دَبَّاغٌ، وَالْآخَرُ: عَطَّارٌ، فَتَدَاعَيَا فِيمَا فِي الْبَيْتِ، وَالدَّارِ فَإِنَّهُ بَيْنَهُمَا بِأَيْمَانِهِمَا، وَلَمْ يَقْضُوا لِلدَّبَّاغِ بِآلَاتِ الدِّبَاغِ، وَلَا لِلْعَطَّارِ بِمَتَاعِ الْعِطْرِ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة يَحْكُم عَلَى الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس بحكم أَهْل الْإِسْلَام]
1799 - مَسْأَلَةٌ: وَيُحْكَمُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ بِحُكْمِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي كُلِّ شَيْءٍ - رَضُوا أَمْ سَخِطُوا، أَتَوْنَا أَوْ لَمْ يَأْتُونَا - وَلَا يَحِلُّ رَدُّهُمْ إلَى حُكْمِ دِينِهِمْ، وَلَا إلَى حُكَّامِهِمْ أَصْلًا.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْت بَجَالَةَ التَّمِيمِيَّ قَالَ: أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ: أَنْ اُقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمَجُوسِ، وَانْهَوْهُمْ عَنْ الزَّمْزَمَةِ.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَهْلُ الذِّمَّةِ إذَا كَانُوا فِينَا فَحَدُّهُمْ كَحَدِّ الْمُسْلِمِ.
وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي نا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ نا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي الْمَوَارِيثِ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ قَالَ: يُحْكَمُ عَلَيْهِمْ بِمَا فِي كِتَابِنَا - وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِنَا.
وَرُوِّينَا غَيْرَ هَذَا -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ قَابُوسَ بْنِ مُخَارِقِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ كَتَبَ إلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي مُسْلِمٍ زَنَى بِنَصْرَانِيَّةٍ؟ فَكَتَبَ إلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: أَنْ يُقَامَ الْحَدُّ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَتُرَدُّ النَّصْرَانِيَّةُ إلَى أَهْلِ دِينِهَا - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا لَا يَصِحُّ عَنْ عَلِيٍّ؛ لِأَنَّ فِيهِ سِمَاكَ بْنَ حَرْبٍ - وَهُوَ يَقْبَلُ التَّلْقِينَ - وَقَابُوسُ بْنُ الْمُخَارِقِ وَأَبُوهُ - مَجْهُولَانِ - فَبَطَلَ أَنْ يَصِحَّ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرُ مَا رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ.
وَقَالَ الْمُخَالِفُونَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256] فَإِذَا حُكِمَ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ حُكْمِ دِينِهِمْ فَقَدْ أُكْرِهُوا عَلَى غَيْرِ دِينِهِمْ.
فَقُلْنَا: إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تُوجِبُ أَنْ لَا يُحْكَمَ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ حُكْمِ دِينِهِمْ فَأَنْتُمْ أَوَّلُ مَنْ خَالَفَهَا فَأَقْرَرْتُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ بِخِلَافِ الْحَقِّ، وَهَذَا عَظِيمٌ جِدًّا؛ لِأَنَّكُمْ تَقْطَعُونَهُمْ فِي السَّرِقَةِ بِحُكْمِ دِينِنَا، لَا بِحُكْمِ دِينِهِمْ، وَتَحُدُّونَهُمْ فِي الْقَذْفِ بِحُكْمِ دِينِنَا لَا بِحُكْمِ

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 520
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست