responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 485
قُلْنَا: فَقِيسُوا الْحُدُودَ فِي ذَلِكَ وَالْقِصَاصَ عَلَى الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ وَلَا فَرْقَ فَإِنْ ادَّعَوْا إجْمَاعًا عَلَى أَنْ لَا يُقْبَلْنَ فِي الْحُدُودِ أَكْذَبَهُمْ عَطَاءٌ.
فَإِنْ قَالُوا: خَالَفَ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ: قُلْنَا: وَأَنْتُمْ خَالَفْتُمْ فِي أَنْ لَا يُقْبَلْنَ النِّسَاءُ مُنْفَرِدَاتٍ فِي الرَّضَاعِ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ.
وَأَمَّا مَالِكٌ: فَقَاسَ بَعْضَ الْأَمْوَالِ عَلَى الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ وَلَمْ يَقِسْ عَلَيْهَا الْعِتْقَ - وَقَبِلَ امْرَأَتَيْنِ لَا رَجُلَ مَعَهُمَا مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ فِي الْأَمْوَالِ وَالْقَسَامَةِ - وَمَا نَعْلَمُ لَهُ سَلَفًا فِي هَذَا رُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْقَوْلُ.
وَخَالَفَ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ فِي رَدِّ شَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الِاسْتِهْلَالِ.
وَفِي قَبُولِ امْرَأَتَيْنِ تُقْبَلُ النِّسَاءُ مُنْفَرِدَاتٍ.
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ: فَقَاسَ الْأَمْوَالَ عَلَى الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ؟ فَيُقَالُ لَهُ: هَلَّا قِسْت سَائِرَ الْأَحْكَامِ عَلَى ذَلِكَ؟ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ قَالَ: أَقِيسُ عَلَى ذَلِكَ كُلَّ حُكْمٍ، لِأَنَّهُ حُكْمٌ وَحُكْمٌ، وَبَيْنَ قَوْلِك أَقِيسُ عَلَى ذَلِكَ الْأَمْوَالَ كُلَّهَا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ وَمَالٌ، وَهَلْ هَاهُنَا إلَّا التَّحَكُّمُ؟ فَهَذَا خِلَافُهُمْ لِلنُّصُوصِ، وَلِلْقِيَاسِ، وَلِقَوْلِ السَّلَفِ، وَلَيْسَ مِنْهُمْ أَحَدٌ رَاعَى الْإِجْمَاعَ؛ لِأَنَّنَا قَدْ ذَكَرْنَا عَنْ زُفَرَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ النِّسَاءُ مُنْفَرِدَاتٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ.

وَقَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ نا أَبِي نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ نا أَبُو عُبَيْدٍ نا هُشَيْمٌ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: الشَّهَادَةُ عَلَى الْقَتْلِ أَرْبَعَةٌ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَى.
وَلَيْتَ شِعْرِي مِنْ أَيْنَ قَاسُوا الْقَتْلَ، وَالْقِصَاصَ، وَالْحُدُودَ عَلَى مَا يُقْبَلُ فِيهِ رَجُلَانِ فَقَطْ دُونَ أَنْ يَقِيسُوهَا عَلَى الزِّنَى الَّذِي هُوَ أَشْبَهُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ حَدٌّ وَحَدٌّ، وَدَمٌ وَدَمٌ - أَوْ عَلَى مَا يُقْبَلُ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ وَحُكْمٌ، وَشَهَادَةٌ وَشَهَادَةٌ؟ فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ بِيَقِينٍ.
فَإِذًا قَدْ سَقَطَتْ الْأَقْوَالُ الْمَذْكُورَةُ فَإِنَّ وَجْهَ الْكَلَامِ وَالصَّدْعِ بِالْحَقِّ: هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنَا عِنْدَ التَّبَايُعِ بِالْإِشْهَادِ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] .
وَأَمَرَنَا إذَا تَدَايَنَّا بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ أَنْ نَكْتُبَهُ، وَأَنْ نُشْهِدَ شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِنَا، أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ مَرْضِيَّتَيْنِ.

اسم الکتاب : المحلى بالآثار المؤلف : ابن حزم    الجزء : 8  صفحة : 485
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست